للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

استدل الفقهاء بهذا الحديث على عدم جواز تولي المرأة القضاء، لأن عدم الفلاح ضرر يجب اجتناب أسبابه، والحديث عام في جميع الولايات العامة، فلا يجوز أن تتولاها امرأة، لأن لفظ (أمرهم) عام فيشمل كل أمر من أمور المسلمين العامة.

قال ابن حجر: قال ابن التين: استدل بحديث أبي بكرة من قال: لا يجوز أن تولى المرأة القضاء، وهو قول الجمهور.

وقال الشوكاني: فليس بعد نفي الفلاح شيء من الوعيد الشديد، ورأس الأمور هو القضاء بحكم الله عز وجل، فدخوله فيها دخولاً أولياً.

قال ابن قدامة: وَلِأَنَّ الْقَاضِيَ يَحْضُرُ مَحَافِلَ الْخُصُومِ وَالرِّجَالِ، وَيُحْتَاجُ فِيهِ إلَى كَمَالِ الرَّأْيِ وَتَمَامِ الْعَقْلِ وَالْفِطْنَةِ، وَالْمَرْأَةُ نَاقِصَةُ الْعَقْلِ، قَلِيلَةُ الرَّأْيِ، لَيْسَتْ أَهْلًا لِلْحُضُورِ فِي مَحَافِلِ الرِّجَالِ، وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهَا، وَلَوْ كَانَ مَعَهَا أَلْفُ امْرَأَةٍ مِثْلِهَا، مَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُنَّ رَجُلٌ، وَقَدْ نَبَّهَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى ضَلَالِهِنَّ وَنِسْيَانِهِنَّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى (أَنْ تَضِلَّ إحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إحْدَاهُمَا الْأُخْرَى) وَلَا تَصْلُحُ لِلْإِمَامَةِ الْعُظْمَى، وَلَا لِتَوْلِيَةِ الْبُلْدَانِ؛ وَلِهَذَا لَمْ يُوَلِّ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- وَلَا أَحَدٌ مِنْ خُلَفَائِهِ، وَلَا مَنْ بَعْدَهُمْ، امْرَأَةً قَضَاءً وَلَا وِلَايَةَ بَلَدٍ، فِيمَا بَلَغَنَا، وَلَوْ جَازَ ذَلِكَ لَمْ يَخْلُ مِنْهُ جَمِيعُ الزَّمَانِ غَالِبًا.

(حُرّاً)

هذا الشرط الثالث من شروط القاضي: أن يكون حراً.

فلا يكون العبد قاضياً.

وهذا مذهب جمهور العلماء، يشترط أن يكون حراً.

أ- قالوا: لأن القضاء منصب شريف، فلا يجوز أن يتولاه عبد، كالإمامة العظمى.

ب- ولأن العبد في أعين الناس ممتهن، والقاضي موضوع للفصل بين الخصوم، فحال الرقيق ينافي حال الولاية.

ج- ولأنه مشغول بخدمة سيده.

وذهب بعض العلماء: إلى جواز أن يكون الرقيق قاضياً.

وهذا قول ابن حزم، ورجحه ابن تيمية، لعموم الأدلة، بشرط أن يأذن له سيده.

<<  <  ج: ص:  >  >>