للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ولا الحُكم قبلَ معرفةِ الحق).

أي: يحرم على القاضي أن يحكم قبل معرفة الحق.

لقوله تعالى (فاحكم بين الناس بالحق)، ومن لم يعرف الحق كيف يحكم؟

(فإنْ أشكلَ عليهِ شاورَ فيه أهلُ العلمِ والأمانة).

لقوله تعالى (وشاورهم في الأمر).

وقد شاور رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أصحابه في غزوة بدر، وفي مصالحة الكفار يوم الخندق، وفي لقاء الكفار يوم بدر.

[فائدة]

قال السعدي: قوله تعالى (وشاورهم في الأمر) أي: الأمور التي تحتاج إلى استشارة ونظر وفكر، فإن في الاستشارة من الفوائد والمصالح الدينية والدنيوية ما لا يمكن حصره:

منها: أن المشاورة من العبادات المتقرب بها إلى الله.

ومنها: أن فيها تسميحاً لخواطرهم، وإزالة لما يصير في القلوب عند الحوادث، فإن من له الأمر على الناس -إذا جمع أهل الرأي، والفضل

وشاورهم في حادثة من الحوادث- اطمأنت نفوسهم وأحبوه، وعلموا أنه ليس بمستبد عليهم، وإنما ينظر إلى المصلحة الكلية العامة للجميع، فبذلوا جهدهم ومقدورهم في طاعته، لعلمهم بسعيه في مصالح العموم، بخلاف من ليس كذلك، فإنهم لا يكادون يحبونه محبة صادقة، ولا يطيعونه وإن أطاعوه فطاعة غير تامة.

ومنها: أن في الاستشارة تنور الأفكار، بسبب إعمالها فيما وضعت له، فصار في ذلك زيادة للعقول.

ومنها: ما تنتجه الاستشارة من الرأي: المصيب، فإن المشاور لا يكاد يخطئ في فعله، وإن أخطأ أو لم يتم له مطلوب، فليس بملوم، فإذا كان الله يقول لرسوله -صلى الله عليه وسلم- وهو أكمل الناس عقلاً وأغزرهم علماً، وأفضلهم رأياً: (وشاورهم في الأمر) فكيف بغيره؟!

<<  <  ج: ص:  >  >>