قال -صلى الله عليه وسلم- (الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء) رواه أبو داود.
وقال -صلى الله عليه وسلم- (إنما يرحم الله من عباده الرحماء) رواه البخاري.
وقال -صلى الله عليه وسلم- (من فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة) رواه البخاري.
قال الشيخ ابن عثيمين: ولكن هي سنة في حق المقيل، ومباحة في حق المستقيل، أي: لا بأس أن تطلب من صاحبك أن يقيلك، سواء كنت البائع أو المشتري، أما في حق المقيل فهي سنة لما فيها من الإحسان إلى الغير، وقد قال الله تعالى (وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ)، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم- من أقال مسلماً بيعته أقال الله عثرته يوم القيامة)، ولأن فيها إدخال سرور على المُقال وتفريجاً لكربته، لا سيما إذا كان الشيء كثيراً وكبيراً، فتكون داخلة في قول الرسول -صلى الله عليه وسلم- (من فرج عن مؤمن كربة من كرب الدنيا فرَّج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة)، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم- (رحم الله امرءاً سمحاً إذا باع، سمحاً إذا اشترى، سمحاً إذا قضى، سمحاً إذا اقتضى)، فتكون سبباً للدخول في دعاء النبي -صلى الله عليه وسلم- بالرحمة.
- وينبغي أن يعلم أن عقد البيع إذا تم بصدور الإيجاب والقبول من المتعاقدين فهو عقد لازم، والعقود اللازمة عند الفقهاء لا يملك أحد المتعاقدين فسخها إلا برضى الآخر إذا لم يكن بينهما خيار لقوله -صلى الله عليه وسلم- (البيّعان بالخيار ما لم يتفرقا)، ومع ذلك فقد اتفق أهل العلم على أن من آداب البيع والشراء الإقالة.
(وهي فسخ).
أي: لا عقد جديد.
أي: أن الإقالة فسخ وإلغاء للعقد الأول وليست بيعاً.
وهذا قول الشافعية، والحنابلة.
ووجه هذا الرأي: بأن الإقالة في اللغة عبارة عن الرفع، يقال في الدعاء (اللهم أقل عثراتي) أي: ارفعها، والأصل أن معنى التصرف شرعاً ينبيء عنه اللفظ لغة، ورفع العقد فسخه، ولأن البيع والإقالة اختلفا اسماً فتخالفا حكماً، فإذا كانت رفعاً فلا تكون بيعاً، لأن البيع إثبات والرفع نفي وبينهما تناف، فكانت الإقالة على هذا التقدير فسخاً محضاً.