للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فائدة: ٤

الحكمة من تحريم تمني الإنسان الموت بسبب الضر الدنيوي:

أولاً: أنه يدل على عدم الصبر، والمسلم مطالب بالصبر والاحتساب.

ثانياً: أن بقاء المسلم قد يكون خيراً له.

ففي الحديث -وقد سبق- (لا يتمنين أحدكم الموت، إما محسناً فلعله أن يزداد خيراً، وإما مسيئاً فلعله أن يستعتب) أي يتوب.

وعند أحمد (وأنه لا يزيد المؤمن عمره إلا خيراً).

وفي حديث أبي هريرة -وقد سبق- (لا يَتَمَنَّى أَحَدُكُمْ الْمَوْتَ، وَلا يَدْعُ بِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُ، إِنَّهُ إِذَا مَاتَ أَحَدُكُمْ انْقَطَعَ عَمَلُهُ، وَإِنَّهُ لا يَزِيدُ الْمُؤْمِنَ عُمْرُهُ إِلا خَيْرًا) رواه مسلم.

قال الحافظ: فيه إشارة إلى أن المعنى في النهي عن تمني الموت والدعاء به هو انقطاع العمل بالموت، فإن الحياة يتسبب منها العمل، والعمل يحصل زيادة الثواب، ولو لم يكن إلا استمرار التوحيد فهو أفضل الأعمال.

وقد قال -صلى الله عليه وسلم- (إنه إذا مات أحدكم انقطع عمله).

ثالثاً: أن الإنسان لا يدري ما الأفضل له، البقاء أم الموت.

قال السعدي: فإن في تمني الموت لذلك مفاسد.

منها: أنه يؤذن بالتسخط والتضجر من الحالة التي أصيب بها، وهو مأمور بالصبر والقيام بوظيفته. ومعلوم أن تمني الموت ينافي ذلك.

ومنها: أنه يضعف النفس، ويحدث الخور والكسل، ويوقع في اليأس. والمطلوب من العبد مقاومة هذه الأمور، والسعي في إضعافها وتخفيفها بحسب اقتداره، وأن يكون معه من قوة القلب وقوة الطمع في زوال ما نزل به. وذلك موجب لأمرين: اللطف الإلهي لمن أتى بالأسباب المأمور بها، والسعي النافع الذي يوجبه قوة القلب ورجاؤه.

ومنها: أن تمني الموت جهل وحمق، فإنه لا يدري ما يكون بعد الموت، فربما كان كالمستجير من الضر إلى ما هو أفظع منه، من عذاب البرزخ وأهواله.

<<  <  ج: ص:  >  >>