للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين: … وينبغي في هذا الرفع أن يبالغ فيه لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يبالغ فيه حتى يرى بياض أبطيه ولا يرى البياض إلا مع الرفع الشديد حتى أنه جاء في صحيح مسلم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- (جعل ظهورهما نحو السماء) واختلف العلماء في تأويله:

فقال بعضهم: يجعل ظهورهما نحو السماء.

وقال بعضهم: بل رفعهما رفعاً شديداً حتى كان الرائي يرى ظهورهما نحو السماء، لأنه إذا رفع رفعاً شديداً صارت ظهورهما نحو السماء.

وهذا هو الأقرب وهو اختيار شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله، وذلك لأن الرافع يديه عند الدعاء يستجدي ويطلب، ومعلوم أن الطلب إنما يكون بباطن الكف لا بظاهره. (الشرح الممتع).

[فائدة: ٦]

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ (كَانَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- لَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي شَيْءٍ مِنْ دُعَائِهِ إِلاَّ فِي الاِسْتِسْقَاءِ وَإِنَّهُ يَرْفَعُ حَتَّى يُرَى بَيَاضُ إِبْطَيْه) رواه مسلم.

قال النووي: هذَا الْحَدِيث يُوهِم ظَاهِره أَنَّهُ لَمْ يَرْفَع -صلى الله عليه وسلم- إِلَّا فِي الِاسْتِسْقَاء، وَلَيْسَ الْأَمْر كَذَلِكَ، بَلْ قَدْ ثَبَتَ رَفْع يَدَيْهِ -صلى الله عليه وسلم- فِي الدُّعَاء فِي مَوَاطِن غَيْر الِاسْتِسْقَاء، وَهِيَ أَكْثَر مِنْ أَنْ تُحْصَر، وَقَدْ جَمَعْت مِنْهَا نَحْوًا مِنْ ثَلَاثِينَ حَدِيثًا مِنْ الصَّحِيحَيْنِ أَوْ أَحَدهمَا، وَذَكَرْتهمَا فِي أَوَاخِر بَاب صِفَة الصَّلَاة مِنْ شَرْح الْمُهَذَّب، وَيُتَأَوَّل هَذَا الْحَدِيث عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَرْفَع الرَّفْع الْبَلِيغ بِحَيْثُ يُرَى بَيَاض إِبْطَيْهِ إِلَّا فِي الِاسْتِسْقَاء، أَوْ أَنَّ الْمُرَاد لَمْ أَرَهُ رَفَعَ، وَقَدْ رَآهُ غَيْره رَفَعَ، فَيُقَدَّم الْمُثْبِتُونَ فِي مَوَاضِع كَثِيرَة وَهُمْ جَمَاعَات عَلَى وَاحِد لَمْ يَحْضُر ذَلِكَ، وَلَا بُدّ مِنْ تَأْوِيله لِمَا ذَكَرْنَاهُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. (شرح مسلم).

<<  <  ج: ص:  >  >>