قال في الشرح: أما البلوغ والعقل فلا خلاف في اعتبارهما في وجوب الحد وصحة الإقرار.
أ- لحديث (رفع القلم عن ثلاثة: عن الصبي حتى يبلغ، وعن المجنون حتى يفيق).
ب- وفي حديث ابن عباس - في قصة ماعز - (أن النبي -صلى الله عليه وسلم- سأل قومه: أمجنون هو؟ قالوا: ليس به بأس.
وفي رواية (أنه سأل عنه، أمجنون هو؟ قالوا: ليس به بأس).
ج- ولأنهما لا قصد لهما.
(مُلْتَزِمٍ).
أي: ملتزم لأحكام المسلمين، وهو المسلم والذمي.
ودليل ذلك حديث ابن عمر (أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رجم اليهوديين لما زنيا) متفق عليه.
(عَالِمٍ بالتَّحْرِيمِ).
فإن كان جاهلاً، كحديث عهد بالإسلام، أو ناشئ في بادية بعيدة عن المسلمين فلا حدّ عليه.
أ- لأن الحد يدرأ بالشبهة، والجهل بالشبهة.
ب- وقد قال تعالى (ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا). جاء في الحديث عن الله تعالى (قد فعلت).
ج- وقال عمر وعلي وعثمان (لا حد إلا على من علمه).
فمن كان جاهلاً بالحكم المنهيِّ عنه، وفعله، وكان في إتيانه حدٌّ أو كفارةٌ: فلا شيء عليه.
وقد قال -صلى الله عليه وسلم- لمن اعترف على نفسه بالزنا (فهلْ تَدْرِي مَا الزِّنَا؟). رواه أبو داود، والحديث أصله في الصحيحين.
قال ابن القيم - وصحَّحَ رواية أبي داود - فيه: أنَّ الحدَّ لا يجب على جاهلٍ بالتحريم؛ لأنَّه -صلى الله عليه وسلم- سأله عن حكم الزنى، فقال " أَتَيْتُ مِنْها حَرَاماً ما يأتي الرجل من أهله حلالاً. (زاد المعاد).