[فوائد]
[فائدة ١]
الدم الذي يكون في باطن الفرج [مكان إدخال القطنة] ولا ينتقل ويبرز إلى الظاهر: يعد حيضاً، ولا يشترط في الدم حتى يأخذ حكم الحيض أن يخرج إلى ظاهر الفرج، بل إذا بقي في باطن الفرج يلوث القطن الداخل فهو حيض أيضا.
وهو مذهب الشافعية والحنابلة، ورواية عن الإمام محمد بن الحسن الشيباني.
أ-ويدل عليه ظاهر قول الله عز وجل: (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِين).
فقوله سبحانه وتعالى (قل هو أذى) إشارة إلى أن العبرة بوقوع الأذى، وهو حاصل حتى لو لم يبرز الدم إلى ظاهر الفرج، فهذا الأذى يظهر بالآلام المرافقة، وبأعراض الطمث الأخرى.
ب- ويدل عليه أيضا ما رواه مالك في " الموطأ " بسنده عن أم علقمة قالت: (كَانَ النِّسِاءُ يَبْعَثْنَ إِلَى عَائِشَةَ بِالدِّرَجَةِ فِيهَا الْكُرْسُفُ، فِيهِ الصُفْرَةُ مِنْ دَمِ الْحَيْضَةِ، يَسْأَلْنَهَا عَنِ الصَّلَاةِ، فَتَقُولُ لَهُنَّ: لَا تَعْجَلْنَ حَتَّى تَرَيْنَ الْقَصَّةَ الْبَيْضَاءَ) تُرِيدُ بِذلِكَ الطُّهْرَ مِنَ الْحَيْضَة.
وفيه دلالة على أن النساء كن يعددن الصفرة التي تكون على (الكرسف) علامة على الحيض، وأكدت ذلك عائشة رضي الله عنها، والمراد بالكرسف هنا القطن الذي كانت النساء تدخله لتتبع الحيضة.
وروى ابن أبي شيبة في " المصنف " بإسناده أنه كانت عمرة بنت عبدالرحمن المدنية - من فقهاء التابعين- تقول للنساء: إذا إحداكن أدخلت الكرسفة فخرجت متغيرة، فلا تصلين حتى لا ترى شيئا
وذهب بعض العلماء إلى أنه ليس بحيض حتى يبرز الدم إلى ظاهر الفرج.
وهو مذهب الحنفية.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "يرى بعض العلماء أن الحيض إذا انتقل -ليس إذا أوجع البطن- ولكن ما خرج وبقي داخل الفرج، يرى أنه مثل الخارج، وهذا القول ضعيف.
والصحيح: أنه لا تفطر المرأة أو لا يفسد صومها إلا بخروج الحيض بارزاً، أما ما دام مجرد أوجاع، أو أنها أحست بأنه انتقل، لكن ما خرج فهذا لا يؤثر شيئاً.
وقال: " إذا أحست بانتقال الحيض قبل الغروب لكن لم يخرج إلا بعد الغروب فإن صومها تام ولا يبطل على القول الصحيح، لأن الدم في باطن الجوف لا حكم له، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم لما سُئل عن المرأة ترى في منامها ما يرى الرجل هل عليها من غسل؟ قال: (نعم إذا هي رأت الماء) فعلق الحكم برؤية المني لا بانتقاله، فكذلك الحيض لا تثبت أحكامه إلا برؤيته خارجاً لا بانتقاله.