فائدة: ٢
يثبت الخيار بالغبن في ثلاثة مواضع:
[الأولى: الغبن بزيادة الناجش.]
(وقد تقدم مباحث النجش).
مثال: رجل اشترى سلعة وزاد ثمنها بسبب النجش هي تساوي {١٠} ووصلت {١٥} بسبب النجش.
فللمشتري الخيار، لأنه زيد عليه على وجه محرم.
[الثانية: تلقي الركبان.]
(وقد تقدم مبحث تلقي الركبان).
وأنه لا يجوز أن يتلقاهم ويشتري منهم.
هؤلاء إن غبنوا فلهم الخيار.
[الثالث: بيع المسترسل.]
وهو لغة: من الاسترسال، وهو الاطمئنان.
والمراد به: الجاهل بقيمة السلعة الذي لا يحسن المبايعة ولا يُماكس، فينقاد للبائع ويأخذ السلعة بأكثر من قيمتها، فيغبن غبناً فاحشاً، ففي هذه الحالة يثبت له الخيار.
قال ابن قدامة: الْمُسْتَرْسِلُ إذَا غُبِنَ غَبْنًا يَخْرُجُ عَنْ الْعَادَةِ، فَلَهُ الْخِيَارُ بَيْنَ الْفَسْخِ وَالْإِمْضَاءِ.
وَبِهَذَا قَالَ مَالِكٌ.
لأَنَّهُ غَبْنٌ حَصَلَ لِجَهْلِهِ بِالْمَبِيعِ، فَأَثْبَتِ الْخِيَارَ، كَالْغَبْنِ فِي تَلَقِّي الرُّكْبَانِ.
فَأَمَّا غَيْرُ الْمُسْتَرْسِلِ، فَإِنَّهُ دَخَلَ عَلَى بَصِيرَةٍ بِالْغَبْنِ، فَهُوَ كَالْعَالِمِ بِالْعَيْبِ، وَكَذَا لَوْ اسْتَعْجَلَ، فَجَهِلَ مَا لَوْ تَثَبَّتَ لَعَلِمَهُ، لَمْ يَكُنْ لَهُ خِيَارٌ؛ لِأَنَّهُ انْبَنَى عَلَى تَقْصِيرِهِ وَتَفْرِيطِهِ.
وَالْمُسْتَرْسِلُ هُوَ الْجَاهِلُ بِقِيمَةِ السِّلْعَةِ، وَلَا يُحْسِنُ الْمُبَايَعَةَ.
قَالَ أَحْمَدُ: الْمُسْتَرْسِلُ، الَّذِي لَا يُحْسِنُ أَنْ يُمَاكِسَ.
وَفِي لَفْظٍ، الَّذِي لَا يُمَاكِسُ.
فَكَأَنَّهُ اسْتَرْسَلَ إلَى الْبَائِعِ، فَأَخَذَ مَا أَعْطَاهُ مِنْ غَيْرِ مُمَاكَسَةٍ، وَلَا مَعْرِفَةٍ بِغَبْنِهِ.
فَأَمَّا الْعَالِمُ بِذَلِكَ، وَاَلَّذِي لَوْ تَوَقَّفَ لَعَرَفَ، إذَا اسْتَعْجَلَ فِي الْحَالِ فَغُبِنَ، فَلَا خِيَارَ لَهُمَا. (المغني).