للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَلَا يَنْكِحُ عَبْدٌ سَيِّدَتَهُ).

أي: لا يجوز أن ينكح العبد سيدته حتى يخرج من ملكها.

لإجماع العلماء على تحريم ذلك.

قال ابن قدامة: يَحْرُمُ عَلَى الْعَبْدِ نِكَاحُ سَيِّدَتِهِ. قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ نِكَاحَ الْمَرْأَةِ عَبْدَهَا بَاطِلٌ.

وَرَوَى الْأَثْرَمُ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، قَالَ: سَأَلْت جَابِرًا عَنْ الْعَبْدِ يَنْكِحُ سَيِّدَتَهُ، فَقَالَ: جَاءَتْ امْرَأَةٌ إلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَنَحْنُ بِالْجَابِيَةِ، وَقَدْ نَكَحَتْ عَبْدَهَا، فَانْتَهَرَهَا عُمَرُ وَهَمَّ أَنْ يَرْجُمَهَا، وَقَالَ: لَا يَحِلُّ لَكِ ....

وَلَوْ مَلَكَتْ الْمَرْأَةُ زَوْجَهَا [يعني: إن كان عبداً أو اشترته مثلاً]، انْفَسَخَ نِكَاحُهَا. (المغني).

ونقل الزيلعي الحنفي رحمه الله الإجماع على بطلان نكاح العبد لسيدته.

قال ابن القيم: وَأَمَّا قَوْلُهُ: " أَبَاحَ لِلرَّجُلِ أَنْ يَسْتَمْتِعَ مِنْ أَمَتِهِ بِمِلْكِ الْيَمِينِ بِالْوَطْءِ وَغَيْرِهِ، وَلَمْ يُبِحْ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَسْتَمْتِعَ مِنْ عَبْدِهَا لَا بِوَطْءٍ وَلَا غَيْرِهِ، فَهَذَا أَيْضًا مِنْ كَمَالِ هَذِهِ الشَّرِيعَةِ وَحِكْمَتِهَا، فَإِنَّ السَّيِّدَ قَاهِرٌ لِمَمْلُوكِهِ، حَاكِمٌ عَلَيْهِ، مَالِكٌ لَهُ، وَالزَّوْجُ قَاهِرٌ لِزَوْجَتِهِ حَاكِمٌ عَلَيْهَا، وَهِيَ تَحْتَ سُلْطَانِهِ وَحُكْمِهِ شِبْهُ الْأَسِيرِ; وَلِهَذَا مَنَعَ الْعَبْدَ مِنْ نِكَاحِ سَيِّدَتِهِ لِلتَّنَافِي بَيْنَ كَوْنِهِ مَمْلُوكَهَا وَبَعْلَهَا، وَبَيْنَ كَوْنِهَا سَيِّدَتَهُ وَمَوْطُوءَتَهُ، وَهَذَا أَمْرٌ مَشْهُورٌ بِالْفِطْرَةِ وَالْعُقُولِ قُبْحُهُ، وَشَرِيعَةُ أَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ مُنَزَّهَةٌ عَنْ أَنْ تَأْتِيَ بِه. (إعلام الموقعين).

<<  <  ج: ص:  >  >>