(وَسِرايَةُ الْقَوَدِ مَهْدُورَةٌ).
معناه: إذا قطع طرفاً يجب القود فيه فاستوفى منه المجني عليه ثم مات الجاني بسراية الجراح لم يلزم المستوفى شيء.
أ-لما روي أن عمر وعلياً قال (من مات من حد أو قصاص لا دية له، الحق قتله) أخرجه البيهقي.
ب-ولأنه قطع مستحق مقدر فلا يضمن سرايته كقطع السارق.
قال الشيخ ابن عثيمين: في الممتع: قوله: (وسراية القود مهدورة) القود أي: القصاص، فلو اقتصصنا من الجاني ثم سرت الجناية فإنها
هدر، أي: لا شيء فيها؛ لأننا نقول: أنت المعتدي، فلا شيء لك.
وهذا الضابط مبني على قاعدة عند أهل العلم وهي (ما ترتب على المأذون فليس بمضمون) وهنا القود مأذون فيه، فإذا استقدنا من هذا الرجل، وقطعنا يده ثم سرى القود، فقد ترتب هذا على شيء مأذون فلا يكون مضموناً،
(وَلَا يُقْتَصُّ مِنْ عُضْوٍ وَجُرْحٍ قَبْلَ بُرْئِهِ، كَمَا لَا تُطْلَبُ لَهُ دِيَةٌ).
قال ابن قدامة: ولَا يَجُوزُ الْقِصَاصُ فِي الطَّرَفِ إلَّا بَعْدَ انْدِمَالِ الْجُرْحِ فِي قَوْلِ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ، مِنْهُمْ؛ النَّخَعِيُّ، وَالثَّوْرِيُّ، وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَمَالِكٌ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو ثَوْرٍ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَطَاءٍ، وَالْحَسَنِ.
قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: كُلُّ مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يَرَى الِانْتِظَارَ بِالْجُرْحِ حَتَّى يَبْرَأَ. … (المغني).
أ-عَنْ عَمْرِوِ بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ; -رضي الله عنه- (أَنَّ رَجُلًا طَعَنَ رَجُلًا بِقَرْنٍ فِي رُكْبَتِهِ، فَجَاءَ إِلَى اَلنَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ: أَقِدْنِي. فَقَالَ: "حَتَّى تَبْرَأَ". ثُمَّ جَاءَ إِلَيْهِ. فَقَالَ: أَقِدْنِي، فَأَقَادَهُ، ثُمَّ جَاءَ إِلَيْهِ. فَقَالَ: يَا رَسُولَ اَللَّهِ! عَرِجْتُ، فَقَالَ: "قَدْ نَهَيْتُكَ فَعَصَيْتَنِي، فَأَبْعَدَكَ اَللَّهُ، وَبَطَلَ عَرَجُكَ". ثُمَّ نَهَى رَسُولُ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَنْ يُقْتَصَّ مِنْ جُرْحٍ حَتَّى يَبْرَأَ صَاحِبُهُ) رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَاَلدَّارَقُطْنِيُّ، وَأُعِلَّ بِالْإِرْسَالِ.
(بِقَرْنٍ) بفتح القاف وسكون الراء، عظم ينبت في رأس الحيوان. (أَقِدْنِي) بفتح الهمزة، أمر من القود، وهو من الاقتصاص من الجاني.
فهذا الحديث دليل على أنه لا يقتص من عضو أو جرح حتى يبرأ.
ب- ولاحتمال السراية.
والسراية: تجاوز العطب من محل الجناية إلى غيرة.