للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ بَعْضُهُمْ: وَيُؤَيِّدُهُ مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّ الْقَتْلَ بِالرَّجْمِ أَعْظَمُ الْعُقُوبَاتِ فَلَيْسَ فَوْقَهُ عُقُوبَةٌ، فَلَا دَاعِيَ لِلْجَلْدِ مَعَهُ; لِانْدِرَاجِ الْأَصْغَرِ فِي الْأَكْبَرِ. (أضواء البيان).

وقال النووي: وَاخْتَلَفُوا فِي جَلْد الثَّيِّب مَعَ الرَّجْم:

فَقَالَتْ طَائِفَة: يَجِب الْجَمْع بَيْنهمَا، فَيُجْلَد ثُمَّ يُرْجَم.

وَبِهِ قَالَ عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب -رضي الله عنه- وَالْحَسَن الْبَصْرِيّ وَإِسْحَاق بْن رَاهَوَيْهِ وَدَاوُد وَأَهْل الظَّاهِر وَبَعْض أَصْحَاب الشَّافِعِيّ، وَقَالَ جَمَاهِير الْعُلَمَاء: الْوَاجِب الرَّجْم وَحْده.

وَحَكَى الْقَاضِي عَنْ طَائِفَة مِنْ أَهْل الْحَدِيث أَنَّهُ يَجِب الْجَمْع بَيْنهمَا، إِذَا كَانَ الزَّانِي شَيْخًا ثَيِّبًا، فَإِنْ كَانَ شَابًّا ثَيِّبًا اُقْتُصِرَ عَلَى الرَّجْم، وَهَذَا مَذْهَب بَاطِل لَا أَصْل لَهُ.

وَحُجَّة الْجُمْهُور أَنَّ النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم- اِقْتَصَرَ عَلَى رَجْم الثَّيِّب فِي أَحَادِيث كَثِيرَة مِنْهَا قِصَّة (مَاعِز) وَقِصَّة الْمَرْأَة الْغَامِدِيَّة) وَفِي قَوْله -صلى الله عليه وسلم-: "وَاغْدُ يَا أُنَيْس عَلَى اِمْرَأَة هَذَا فَإِنْ اِعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا "قَالُوا: وَحَدِيث الْجَمْع بَيْن الْجَلْد وَالرَّجْم مَنْسُوخ، فَإِنَّهُ كَانَ فِي أَوَّل الْأَمْر. (شرح مسلم)

فائدة: ٦

قال العلامة ابن القيم رحمه الله: شرع في حق الزاني المحصن القتل بالحجارة:

ليصل الألم إلى جميع بدنه حيث وصلت إليه اللذة بالحرام.

ولأن تلك القتلة أشنع القتلات والداعي إلى الزنا داع قوي في الطباع، فجعلت غلظة هذه العقوبة في مقابلة قوة الداعي.

ولأن في هذه العقوبة تذكيراً لعقوبة الله لقوم لوط بالرجم بالحجارة على ارتكاب الفاحشة. (الصلاة وحكم تاركها).

<<  <  ج: ص:  >  >>