للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال ابن قدامة: وَالصَّحِيحُ، الْأَخْذُ بِمَا دَلَّ عَلَيْهِ حَدِيثُ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فِي تَقْدِيمِ السَّابِقِ بِالْهِجْرَةِ، ثُمَّ الْأَسَنِّ؛ لِتَصْرِيحِهِ بِالدَّلَالَةِ، وَلَا دَلَالَةَ فِي حَدِيثِ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ عَلَى تَقْدِيمِ الْأَسَنِّ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ فِي حَقِّهِمَا هِجْرَةٌ وَلَا تَفَاضُلُهُمَا فِي شَرَفٍ، وَيُرَجَّحُ بِتَقْدِيمِ الْإِسْلَامِ كَالتَّرْجِيحِ بِتَقْدِيمِ الْهِجْرَةِ، فَإِنَّ فِي بَعْضِ أَلْفَاظِ حَدِيثِ أَبِي مَسْعُودٍ (فَإِنْ كَانُوا فِي الْهِجْرَةِ سَوَاءً فَأَقْدَمُهُمْ سِلْمًا) وَلِأَنَّ الْإِسْلَامَ أَشْرَفُ مِنْ الْهِجْرَةِ، فَإِذَا قُدِّمَ بِتَقَدُّمِهَا فَتَقَدُّمُهُ أَوْلى. (المغني).

(ثم من قَرَعَ).

أي: إذا استوى في هذه المراتب كلها رجلان، فإننا في هذه الحالة نستعمل القرعة.

لِأَنَّهُمْ تَسَاوَوْا فِي الِاسْتِحْقَاقِ، وَتَعَذَّرَ الْجَمْعُ، فَأَقْرَعَ بَيْنَهُمْ كَسَائِرِ الْحُقُوقِ، فمن خرجت له القرعة قدم فهو الأحق. (المغني)

والدليل على القرعة: حديث أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ (لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي النِّدَاءِ وَالصَّفِّ الأَوَّلِ، ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إِلاَّ أَنْ يَسْتَهِمُوا عَلَيْهِ لَاسْتَهَمُوا) متفق عليه.

قال النووي: معناه أنهم لو علموا فضيلة الأذان، وعظيم جزائه، ثم لم يجدوا طريقاً يحصلونه، لضيق الوقت، أو لكونه لا يؤذن للمسجد إلا واحداً لاقترعوا في تحصيله.

• والقرعة مشروعة عند التساوي وعدم معرفة المستحق.

والأدلة على مشروعيتها والعمل بها كثيرة جداً.

قال أبو عبيد: وقد عمل بالقرعة ثلاثة من الأنبياء: يونس، وزكريا، ونبينا محمد -صلى الله عليه وسلم-.

وقال الإمام أحمد: أقرع النبي -صلى الله عليه وسلم- في خمسة مواضع وهي في القرآن في موضعين.

قال تعالى (وَمَا كُنتَ لَدَيهِم إِذ يُلقُونَ أَقلَامَهُم أَيُّهُم يَكفُلُ مَريَمَ).

وقال تعالى (فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ المُدحَضِينَ).

أي فقارع أهل السفينة فكان من المغلوبين.

وعن عائشة. قالت (كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا أراد سفراً أقرع بين نسائه) رواه البخاري.

وللحديث السابق (لو يعلم من في النداء .... لا ستهموا عليه).

وحديث النعمان بن بشير. قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (مثل المداهن في حدود الله والواقع فيها مثل قوم استهموا … ).

وحديث أبي هريرة. قال: قال -صلى الله عليه وسلم- (لَوْ تَعْلَمُونَ - أَوْ يَعْلَمُونَ - مَا فِي الصَّفِّ الْمُقَدَّمِ لَكَانَتْ قُرْعَةً).

<<  <  ج: ص:  >  >>