قال ابن القيم: والشارع جعل القرعة معينة في كل موضع تتساوى فيه الحقوق، ولا يمكن التعيين بها، إذ لولاها للزم أحد باطلين: إما الترجيح بمجرد الاختيار والشهوة وهو باطل في تصرفات الشارع، وإما بالتعطيل ووقف الأعيان، وفي ذلك تعطيل الحقوق وتضرر المكلفين بما لا تأتي به الشريعة الكاملة بل ولا السياسة العادلة.
(وساكن البيت وإمام المسجد أحقُّ إلا من ذي سلطان).
أي: أن ساكن البيت أحق من الضيف وإن كان الضيف أقرأ.
وإمام المسجد أحق من غيره حتى وإن وجِد من هو أقرأ.
أ- لحديث أَبِي مَسْعُودٍ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- (يَؤُمُّ اَلْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اَللَّهِ … وَلَا يَؤُمَّنَّ اَلرَّجُلُ اَلرَّجُلَ فِي سُلْطَانِهِ، وَلَا يَقْعُدْ فِي بَيْتِهِ عَلَى تَكْرِمَتِهِ إِلَّا بِإِذْنِهِ). رَوَاهُ مُسْلِمٌ. التكرمة: الفراش مما يبسط لصاحب المنزل ويخص به.
وعند أبي داود (أو في بيته).
وإمام المسجد سلطان في مسجده.
قال النووي: مَعْنَاهُ: أَنَّ صَاحِب الْبَيْت وَالْمَجْلِس وَإِمَام الْمَسْجِد أَحَقّ مِنْ غَيْره، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الْغَيْر أَفْقَه وَأَقْرَأ وَأَوْرَع وَأَفْضَل مِنْهُ" انتهى.
وقال ابن قدامة: وإمام المسجد الراتب أولى من غيره؛ لأنه في معنى صاحب البيت والسلطان.
ب- ولأننا لو قلنا أن الأقرأ أولى حتى ولو كان للمسجد إمام راتب، لحصل بذلك فوضى، وكان لهذا المسجد في كل صلاة إمام
• وصاحب البيت أولى من غيره.
أ-لقوله -صلى الله عليه وسلم- (وَلَا يَؤُمَّنَّ الرَّجُلُ الرَّجُلَ فِي سُلْطَانه)
قال النووي: مَعْنَاهُ: مَا ذَكَرَهُ أَصْحَابنَا وَغَيْرهمْ: أَنَّ صَاحِب الْبَيْت وَالْمَجْلِس وَإِمَام الْمَسْجِد أَحَقّ مِنْ غَيْره، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الْغَيْر أَفْقَه وَأَقْرَأ وَأَوْرَع وَأَفْضَل مِنْهُ، وَصَاحِب الْمَكَان أَحَقّ فَإِنْ شَاءَ تَقَدَّمَ، وَإِنْ شَاءَ قَدَّمَ مَنْ يُرِيدهُ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الَّذِي يُقَدِّمهُ مَفْضُولًا بِالنِّسْبَةِ إِلَى بَاقِي الْحَاضِرِينَ؛ لِأَنَّهُ سُلْطَانه فَيَتَصَرَّف فِيهِ كَيْف شَاءَ. فَقَالَ أَصْحَابنَا: فَإِنْ حَضَرَ السُّلْطَان أَوْ نَائِبه قُدِّمَ عَلَى صَاحِب الْبَيْت وَإِمَام الْمَسْجِد وَغَيْرهمَا؛ لِأَنَّ وِلَايَته وَسَلْطَنَته عَامَّة. قَالُوا: وَيُسْتَحَبّ لِصَاحِبِ الْبَيْت أَنْ يَأْذَن لِمَنْ هُوَ أَفْضَل مِنْهُ.
ب- وعن مَالِكُ بْنُ الْحُوَيْرِثِ. قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ (مَنْ زَارَ قَوْمًا فَلا يَؤُمَّهُمْ، وَلْيَؤُمَّهُمْ رَجُلٌ مِنْهُم). رواه الترمذي