للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الشوكاني: وظاهر السياقات مشعر بأن النبي -صلى الله عليه وسلم- إنما فعل ذلك في قصة جابر لقصد التثبت، كما يشعر بذلك قوله: (أبك جنون) ثم بسؤاله بعد ذلك لقومه، فتحمل الأحاديث التي فيها التراخي عن إقامة الحد بعد صدور الإقرار مرة على من كان أمره ملتبساً في ثبوت العقل واختلاله والصحو والسكر ونحو ذلك، وإقامة الحد بعد الإقرار مرة واحدة على من كان معروفاً بصحة العقل وسلامة إقراره عن المبطلات.

(مُصرِّحاً بذكرِ حقيقتهِ).

أي: يشترط أن يصرح بذكْر حقيقة الوطء.

أ- فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لماعز (أنكْتَها؟ قال: نعم، قال: حتى غاب ذلك منك في ذلك منها؟ قال: نعم، قال: كما يغيب الميل في المكحلة أو الرِّشاء في البئر؟ قال: نعم، قال: فهل تدري ما الزنا؟ قال: نعم، أتيت منها حراماً ما يأتي الرجل من امرأته حلالاً).

وفي حديث ابن عباس: (فقال: أنكتها؟ قال: نعم، قال: أتدري ما الزنا؟ قال: نعم، أتيت منها حراماً ما يأتي الرجل من امرأته حلالاً، قال: فما تريد بهذا القول؟ قال: تطهرني، فأمر به فرجم).

ب- التعليل: لأنه ربما يظن ما ليس بزنا زناً موجباً للحد، فاشترط فيه التصريح.

(أو شهادةُ أربعةِ رجالٍ أحرار عدول).

الأمر الثاني الذي يثبت به الزنا: البينة، وهو شهادة أربعة رجال.

فالشهود لا بد أن يكونوا أربع رجال يشهدون بأنهم رأوا الزنا نفسه، ولا تقبل شهادة النساء.

قال تعالى: (لَوْلا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ).

<<  <  ج: ص:  >  >>