وقد ذهب بعض الفقهاء إلى أن دخول الكعبة من سنن الحج، وهذا غلط.
لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يدخل البيت في الحج.
وقد قال ابن عباس:(يا أيها الناس، إن دخولكم البيت ليس في حجكم من شيء) رواه ابن أبي شيبة.
وجاء عند البخاري تعليقاً (وكان ابن عمر يحج كثيراً ولا يدخل).
قال الحافظ ابن حجر: كأنه - أي البخاري - أشار بهذه الترجمة إلى الرد على من زعم أن دخولها من مناسك الحج، واقتصر المصنف - أي البخاري - على الاحتجاج بفعل ابن عمر لأنه أشهر من روى عن النبي -صلى الله عليه وسلم- دخول الكعبة، فلو كان دخولها من المناسك لما أخل به مع كثرة اتباعه.
[فائدة: ٣]
الجمع بين حديث ابن عمر السابق الدال على أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى في الكعبة، وحديث ابن عباس الدال على أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يصل في الكعبة.
ولفظ حديث ابن عباس عند مسلم: قال -رضي الله عنه-: أخْبَرَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ (أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- لَمَّا دَخَلَ الْبَيْتَ دَعَا فِي نَوَاحِيهِ كُلِّهَا وَلَمْ يُصَلِّ فِيهِ حَتَّى خَرَجَ فَلَمَّا خَرَجَ رَكَعَ فِي قُبُلِ الْبَيْتِ رَكْعَتَيْنِ. وَقَالَ «هَذِهِ الْقِبْلَةُ». قُلْتُ لَهُ: مَا نَوَاحِيهَا أَفِي زَوَايَاهَا؟ قَالَ: بَلْ فِي كُلِّ قِبْلَةٍ مِنَ الْبَيْتِ).
فقيل: أن تحمل الأحاديث على دخولين مختلفين، صلى في أحدهما في البيت، ولم يصل في الآخر.
وهذا مسلك ابن حبان.
وقيل: تحمل الصلاة المثبتة في حديث ابن عمر عن بلال على الصلاة اللغوية وهي الدعاء، والصلاة المنفية في حديث ابن عباس عن أسامة الصلاة الشرعية ذات الركوع والسجود.
وهذا المسلك مردود بما تقدم أنه جاء في بعض طرق حديث ابن عمر أنه قال (ونسيت أن أسأله كم صلى).
وقيل: يحمل إثبات بلال على صلاة التطوع، ونفي أسامة على صلاة الفرض.