للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقيل: بترجيح حديث ابن عمر الدال على أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى في الكعبة على حديث أسامة الدال على أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يصل في الكعبة.

وهذا مسلك أكثر العلماء، إليه ذهب أبو حنيفة، والثوري، والشافعي، وأحمد، والبخاري، وابن خزيمة، وابن المنذر، واختاره ابن عبد البر.

وسبب الترجيح: أن بلالاً أثبت صلاة النبي -صلى الله عليه وسلم- في الكعبة ونفاها أسامة، وإذا تعارض الإثبات والنفي قدم قول المثبت، لأن معه زيادة علم، لا سيما إذا تساويا في العدالة والإتقان كما هاهنا.

قال النووي: وَأَجْمَع أَهْل الْحَدِيث عَلَى الْأَخْذ بِرِوَايَةِ بِلَال، لِأَنَّهُ مُثْبَت، فَمَعَهُ زِيَادَة عِلْم فَوَاجِب تَرْجِيحه، وَالْمُرَاد الصَّلَاة الْمَعْهُودَة ذَات

الرُّكُوع، وَالسُّجُود، وَلِهَذَا قَالَ اِبْن عُمَر: وَنَسِيت أَنْ أَسْأَلهُ: كَمْ صَلَّى؟ وَأَمَّا نَفْي أُسَامَة فَسَبَبه أَنَّهُمْ لَمَّا دَخَلُوا الْكَعْبَة أَغْلَقُوا الْبَاب، وَاشْتَغَلُوا بِالدُّعَاءِ، فَرَأَى أُسَامَة النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم- يَدْعُو، ثُمَّ اِشْتَغَلَ أُسَامَة بِالدُّعَاءِ فِي نَاحِيَة مِنْ نَوَاحِي الْبَيْت، وَالنَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم- فِي نَاحِيَة أُخْرَى، وَبِلَال قَرِيب مِنْهُ، ثُمَّ صَلَّى النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم- فَرَآهُ بِلَال لِقُرْبِهِ، وَلَمْ يَرَهُ أُسَامَة لِبُعْدِهِ وَاشْتِغَاله، وَكَانَتْ صَلَاة خَفِيفَة فَلَمْ يَرَهَا أُسَامَة لِإِغْلَاقِ الْبَاب مَعَ بُعْده وَاشْتِغَاله بِالدُّعَاءِ، وَجَازَ لَهُ نَفْيهَا عَمَلًا بِظَنِّهِ، وَأَمَّا بِلَال فَحُقِّقَهَا فَأَخْبَرَ بِهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>