للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الحافظ: كذا بت الحكم في هذه المسألة لقوة الدليل عنده.

وقال أيضاً قوله -صلى الله عليه وسلم- (ليس لنا مثل السوء) أي: لا ينبغي لنا معشر المؤمنين أن نتصف بصفة ذميمة يشابهنا فيها أخس الحيوانات في أخس أحوالها، قال الله سبحانه وتعالى (لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)، ولعل هذا أبلغ في الزجر عن ذلك، وأدل على التحريم مما لو قال مثلا: لا تعودوا في الهبة.

وقال النووي: هَذَا ظَاهِر فِي تَحْرِيم الرُّجُوع فِي الْهِبَة وَالصَّدَقَة بَعْد إِقْبَاضهمَا. (شرح مسلم).

فقد شبه النبي -صلى الله عليه وسلم- العائد في هبته في أقبح صورة، فإن الكلب من أخبث الحيوانات، ثم إن هذه الصورة من أبشع الصور، أن يقيء ثم يعود في قيئه.

ب- ولحديث ابن عمر وابن عباس. قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (لا يحل للرجل أن يعطي العطية فيرجع فيها، إلا الوالد فيما يعطي ولده) رواه أبو داود.

(إلا للأب بشروط أربعة).

أي: إلا للأب فيجوز الرجوع في هبته لولده.

لحديث عَنْ اِبْنِ عُمَرَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ السابق (لَا يَحِلُّ لِرَجُلٍ مُسْلِمٍ أَنْ يُعْطِيَ اَلْعَطِيَّةَ، ثُمَّ يَرْجِعَ فِيهَا; إِلَّا اَلْوَالِدُ فِيمَا يُعْطِي وَلَدَهُ) رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالْأَرْبَعَةُ.

فهذا الحديث دليل على جواز رجوع الوالد في هبته لولده صغيراً كان أم كبيراً.

<<  <  ج: ص:  >  >>