للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- فإن ادعى الإكراه فإنه لا يقبل إلا ببينة، كأن يظهر عليه أثر ضربٍ أو حبس.

قال ابن قدامة: وَإِنْ أَقَرَّ بِغَيْرِ مَا أُكْرِهَ عَلَيْهِ، مِثْلُ أَنْ يُكْرَهَ عَلَى الْإِقْرَارِ لِرَجُلٍ، فَأَقَرَّ لِغَيْرِهِ، أَوْ بِنَوْعٍ مِنْ الْمَالِ، فَيُقِرَّ بِغَيْرِهِ، أَوْ عَلَى الْإِقْرَارِ بِطَلَاقِ امْرَأَةٍ، فَأَقَرَّ بِطَلَاقِ أُخْرَى، أَوْ أَقَرَّ بِعِتْقِ عَبْدٍ، صَحَّ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِمَا لَمْ يُكْرَهْ عَلَيْهِ، فَصَحَّ، كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِهِ ابْتِدَاءً.

فائدة:

ومن الشروط: ألا يكون محجور عليه.

فالمحجور عليه لحظ الغير لا يصح إقراره في أعيان ماله، ويصح في ذمته ويطالب بذلك بعد فك الحجر.

(وهو من أبلغ البينات).

أي: أن الإقرار أبلغ وأقوى الأدلة لإثبات دعوى المدعى عليه، ولهذا يقولون: إنه سيد الأدلة، وهو أقوى من الشهادة.

لأنه اعتراف ممن عليه الحق، فلا يحتمل الشبهة.

(وَإِنْ أُكْرِهَ عَلَى وَزْنِ مَالٍ فَبَاعَ مُلْكَهُ لِذَلِكَ صَحَّ).

أي: وإن أُكرهَ إنسان على دفع مالٍ لإنسان فذهب وباع شيئاً يملكه كسيارة، أو بيت ونحوه ليحصل هذا المال الذي أكره على بيعه فالبيع صحيح.

لأنه إنما أكره على المال ولم يُكره على بيع ماله.

قال ابن قدامة: وَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى أَدَاءِ مَالٍ، فَبَاعَ شَيْئًا مِنْ مَالِهِ لِيُؤَدِّيَ ذَلِكَ، صَحَّ بَيْعُهُ، نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُكْرَهْ عَلَى الْبَيْعِ.

جاء في (حاشية الروض) أي: وإن أكره على دفع مقدار من المال، كأسير يقال له: ما نفك إسارك إلا بكذا وكذا فباع ملكه لذلك، كره الشراء منه، أو لبيعه بدون ثمن مثله في الغالب، وهو بيع المضطر، وصح الشراء منه، لأنه غير مكره على البيع.

واختار الشيخ: الصحة من غير كراهة، لأن الناس لو امتنعوا من الشراء منه، كان أشد ضرراً عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>