للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالوا: لأن الغسل لإزالة الروائح الكريهة، والمقصود عدم تأذي الآخرين.

[القول الثالث: أنه لا يشترط تقديم الغسل على صلاة الجمعة، بل لو اغتسل قبل الغروب أجزأ عنه.]

وإليه ذهب داود ونصره ابن حزم.

والراجح القول الثاني (مذهب الجمهور).

وادعى ابن عبد البر الإجماع على أن من اغتسل بعد الصلاة لم يغتسل للجمعة.

• الاغتسال للصلاة لا لليوم، ويدل لذلك:

أ- قوله -صلى الله عليه وسلم- (إذا جاء أحدكم الجمعة فليغتسل).

ب- عن ابن عمر (أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ بَيْنَا هُوَ يَخْطُبُ النَّاسَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ دَخَلَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَنَادَاهُ عُمَرُ أَيَّةُ سَاعَةٍ هَذِهِ فَقَالَ إِنِّي شُغِلْتُ الْيَوْمَ فَلَمْ أَنْقَلِبْ إِلَى أَهْلِي حَتَّى سَمِعْتُ النِّدَاءَ فَلَمْ أَزِدْ عَلَى أَنْ تَوَضَّأْتُ. قَالَ عُمَرُ وَالْوُضُوءَ أَيْضاً وَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ يَأْمُرُ بِالْغُسْلِ) متفق عليه.

وجه الدلالة: حيث أنكر عمر على عثمان إتيانه الجمعة مقتصراً على الوضوء وتاركاً للغسل، ولو كان وقت الغسل لم يذهب بعد، لم يكن الإنكار في محله، فكان يمكن لعثمان أن يغتسل بعد الجمعة، فدل هذا على أن الغسل لحضور الصلاة وليس لذات اليوم.

ج- ولحديث أبي هريرة. أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال (من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة، ثم راح فكأنما قرب بدنة) متفق عليه.

وجه الدلالة: قوله (من اغتسل ثم راح) فالتعبير بـ (ثم) دليل على الترتيب، فكان الغسل قبل الرواح.

قال النووي رحمه الله: لو اغتسل للجمعة قبل الفجر لم تجزئه على الصحيح من مذهبنا، وبه قال جماهير العلماء.

وقال الأوزاعي: يجزئه.

ولو اغتسل لها بعد طلوع الفجر أجزأه عندنا وعند الجمهور، حكاه ابن المنذر عن الحسن ومجاهد والنخعي والثوري وأحمد وإسحاق وأبي ثور. … (المجموع).

<<  <  ج: ص:  >  >>