قال النووي بعد ذكره لروايات حديث الباب: هذه الروايات كلها متفقة في المعنى، وانبعاثها هو: استواؤها قائمة، وفيها دليل لمالك والشافعي والجمهور، أن الأفضل أن يحرِم إذا انبعثت به راحلته.
وقال رحمه الله: هذه أحاديث صحيحة قاطعة بترجح الإحرام عند ابتداء السير. (المجموع).
[فائدة: ١]
فإن قيل: ما الجواب عما ورد أنه -صلى الله عليه وسلم-: أهل لما استوت به دابته على البيداء.
أ-ففي حديث جابر الطويل (فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فِي الْمَسْجِدِ ثُمَّ رَكِبَ الْقَصْوَاءَ حَتَّى إِذَا اسْتَوَتْ بِهِ نَاقَتُهُ عَلَى الْبَيْدَاءِ … فَأَهَلَّ بِالتَّوْحِيدِ: لبيك اللهم لبيك … ) رواه مسلم.
ب-وفي حديث ابْنِ عَبَّاسٍ (قَالَ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- الظُّهْرَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ ثُمَّ دَعَا بِنَاقَتِهِ فَأَشْعَرَهَا فِي صَفْحَةِ سَنَامِهَا الأَيْمَنِ وَسَلَتَ الدَّمَ وَقَلَّدَهَا نَعْلَيْنِ ثُمَّ رَكِبَ رَاحِلَتَهُ فَلَمَّا اسْتَوَتْ بِهِ عَلَى الْبَيْدَاءِ أَهَلَّ بِالْحَج) متفق عليه.
وكذا ما ورد أنه -صلى الله عليه وسلم-: أحرم بعد الصلاة.
عن ابن عباس (أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أهل في دُبُر الصلاة) رواه أحمد والنسائي.
فالجواب:
وأما حديث جابر -أنه لبى على البيداء- فيحمل على أن جابراً لم يسمع التلبية إلا حين استوت راحلة النبي -صلى الله عليه وسلم- على البيداء.