وقال ابن القيم: قوله تعالى (إن تبدوا الصدقات فنعما هي) أي فنعم شيء هي وهذا مدح لها موصوفة بكونها ظاهرة بادية فلا يتوهم مبديها بطلان أثره وثوابه فيمنعه ذلك من إخراجها وينتظر بها الإخفاء فتفوت أو تعترضه الموانع ويحال بينه وبين قلبه أو بينه وبين إخراجها فلا يؤخر صدقة العلانية بعد حضور وقتها إلى وقت السر وهذه كانت حال الصحابة.
وقال السعدي:. . . وإن أخفاها وسلمها للفقير كان أفضل، لأن الإخفاء على الفقير إحسان آخر، وأيضاً فإنه يدل على قوة الإخلاص، وأحد السبعة الذين يظلهم الله في ظله (من تصدق بصدقة فأخفاها، حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه).
قال القرطبي: قوله تعالى (فَنِعِمَّا هِيَ) ثناء على إبداء الصدقة، ثم حكم على أن الإخفاء خير من ذلك.
ولذلك قال بعض الحكماء: إذا اصطنعت المعروف فاستره، وإذا اصطُنع إليك فانشره.
وقال العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه: لا يتمّ المعروف إلا بثلاث خصال: تعجيلُه وتصغيرُه وسترهُ؛ فإذا أعجلته هنيّته، وإذا صغّرته عظّمته، وإذا سترته أتْمَمْته.
ويقول ابن عاشور في فوائد الآية السابقة في سورة البقرة - فيها: تفضيل لصدقة السرّ؛ لأنّ فيها إبْقاء على ماءِ وجه الفقير، حيث لم يطّلع عليه غير المعطي.
[فائدة: ١]
قوله -صلى الله عليه وسلم- (حتى لا تعلم شماله. . .) المراد المبالغة في الإخفاء.