وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "إذا لم يعلم بالكسوف إلا بعد زواله فلا يقضى؛ لأننا ذكرنا قاعدة مفيدة، وهي: " أن كل عبادة
مقرونة بسبب إذا زال السبب زالت مشروعيتها". فالكسوف مثلاً إذا تجلت الشمس، أو تجلى القمر، فإنها لا تعاد؛ لأنها مطلوبة لسبب وقد زال، ويعبر الفقهاء ـ رحمهم الله ـ عن هذه القاعدة بقولهم: "سنة فات محلها.
(وتدرك الركعة بإدراك الركوع الأول).
أي: أن الركعة في صلاة الكسوف تدرك بإدراك الركوع الأول منها.
(وتُسنّ جماعةً وفُرادَى).
أي: أن صلاة الكسوف يجوز أن تصلى جماعة، ويجوز فرادى في البيوت، والأفضل أن تصلى جماعة.
قال الشوكاني: وقد ذهب مالك، والشافعي، وأحمد وجمهور العلماء إلى أن صلاة الكسوف والخسوف تسن الجماعة فيهما.
أ- لحديث عائشة قالت (خسفت الشمس في عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فصلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالناس … ) متفق عليه.
ب- ولحديث أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِى بَكْرٍ قَالَتْ (أَتَيْتُ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- حِينَ خَسَفَتِ الشَّمْسُ، فَإِذَا النَّاسُ قِيَامٌ يُصَلُّونَ، وَإِذَا هِيَ قَائِمَةٌ تُصَلِّى … ) متفق عليه.
قال ابن قدامة: لقَوْلُهُ -عليه السلام- (فَإِذَا رَأَيْتُمُوهَا فَصَلُّوا).
وَلِأَنَّهَا نَافِلَةٌ، فَجَازَتْ فِي الِانْفِرَادِ، كَسَائِرِ النَّوَافِلِ.
وَإِذَا ثَبَتَ هَذَا فَإِنَّ فِعْلَهَا فِي الْجَمَاعَةِ أَفْضَلُ.
لِأَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- صَلَّاهَا فِي جَمَاعَةٍ.
وَالسُّنَّةُ أَنْ يُصَلِّيَهَا فِي الْمَسْجِدِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- فَعَلَهَا فِيهِ.
قَالَتْ عَائِشَةُ: خَسَفَتْ الشَّمْسُ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَخَرَجَ إلَى الْمَسْجِدِ، فَصَفَّ النَّاسَ وَرَاءَهُ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
وَلِأَنَّ وَقْتَ الْكُسُوفِ يَضِيقُ، فَلَوْ خَرَجَ إلَى الْمُصَلَّى احْتَمَلَ التَّجَلِّي قَبْلَ فِعْلِهَا.
وَتُشْرَعُ فِي الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ، بِإِذْنِ الْإِمَامِ وَغَيْرِ إذْنِهِ. … (المغني).