ب-ولقوله تعالى (وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِماً) فالله تعالى ذمهم على الانفضاض وترك الخطبة، والواجب هو الذي يذم تاركه شرعاً.
ج-ولحديث جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا (أَنَّ اَلنَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ يَخْطُبُ قَائِمًا، ثُمَّ يَجْلِسُ، ثُمَّ يَقُومُ فَيَخْطُبُ قَائِمًا، فَمَنْ أَنْبَأَكَ أَنَّهُ كَانَ يَخْطُبُ جَالِسًا، فَقَدْ كَذَبَ) أَخْرَجَهُ مُسْلِم، مع قوله -صلى الله عليه وسلم- (صلوا كما رأيتموني أصلي).
د- ولأن النبي -صلى الله عليه وسلم- واظب عليهما، ولم ينقل أنه ترك خطبة الجمعة.
هـ- ولأن النبي -صلى الله عليه وسلم- أوجب الإنصات لهما، وحذر من الكلام والإمام يخطب، ووجوب الإنصات يدل على وجوبهما.
• وعلى هذا فإن شرطية الخطبة لصحة صلاة الجمعة إنما هي في الجملة وليست بخصوص كل واحد، أي أن صلاة الجمعة من حيث هي يشترط لصحتها الخطبة، فلا تصح بدونها، فإذا وجدت ولم يدركها بعض المصلين، لكنهم أدركوا الصلاة فقط صحت صلاتهم.
• وقوله:(كان يخطب ثم يجلس ثم يقوم يخطب) فيه أنه لا بد من خطبتين.
[وقد اختلف العلماء: هل يشترط خطبتين، أم تكفي خطبة واحدة؟ على قولين]
[القول الأول: أنه يشترط خطبتان.]
وهو مذهب الشافعية، والحنابلة، وبعض المالكية.
أ-لحديث جابر السابق (كَانَ يَخْطُبُ قَائِمًا، ثُمَّ يَجْلِسُ، ثُمَّ يَقُومُ فَيَخْطُبُ قَائِمًا).
ب- ولحديث ابن عمر (أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يخطب خطبتين وهو قائم، يفصل بينهما بجلوس) متفق عليه.