للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مبحث: ٥

اختلف العلماء في حكم: إذا صاد المحل صيداً وأطعمه المحرم، فهل يكون حلالاً للمحرم أم لا على قولين:

القول الأول: أنه حرام على المحرِم.

وهذا مذهب ابن عباس وابن عمر وإسحاق والثوري.

أ-لقوله تعالى (وحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُماً).

ب- ولحديث الصَّعْبِ بْنِ جَثَّامَةَ اللَّيْثِيِّ -رضي الله عنه- (أَنَّهُ أَهْدَى إلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- حِمَاراً وَحْشِيَّاً، وَهُوَ بِالأَبْوَاءِ أَوْ بِوَدَّانَ - فَرَدَّهُ عَلَيْهِ. فَلَمَّا رَأَى مَا فِي وَجْهِي، قَالَ: إنَّا لَمْ نَرُدَّهُ عَلَيْكَ إلاَّ أَنَّا حُرُمٌ).

القول الثاني: يجوز أكل المحرم مما صاده المُحِل مطلقاً ولو صاده لأجله.

وهذا مذهب أبي حنيفة وعطاء ومجاهد.

لحديث أَبِي قَتَادَةَ الأَنْصَارِيِّ (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- خَرَجَ حَاجَّاً. فَخَرَجُوا مَعَهُ. فَصَرَفَ طَائِفَةً مِنْهُمْ - فِيهِمْ أَبُو قَتَادَةَ - وَقَالَ: خُذُوا سَاحِلَ الْبَحْرِ، حَتَّى نَلْتَقِيَ. فَأَخَذُوا سَاحِلَ الْبَحْرِ فَلَمَّا انْصَرَفُوا أَحْرَمُوا كُلُّهُمْ، إلاَّ أَبَا قَتَادَةَ، فَلَمْ يُحْرِمْ. فَبَيْنَمَا هُمْ يَسِيرُونَ إذْ رَأَوْا حُمُرَ وَحْشٍ. فَحَمَلَ أَبُو قَتَادَةَ عَلَى الْحُمُرِ. فَعَقَرَ مِنْهَا أَتَانَاً. فَنَزَلْنَا فَأَكَلْنَا مِنْ لَحْمِهَا. ثُمَّ قُلْنَا: أَنَأْكُلُ لَحْمَ صَيْدٍ، وَنَحْنُ مُحْرِمُونَ؟ فَحَمَلْنَا مَا بَقِيَ مِنْ لَحْمِهَا فَأَدْرَكْنَا رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-. فَسَأَلْنَاهُ عَنْ ذَلِكَ؟ فَقَالَ: مِنْكُمْ أَحَدٌ أَمَرَهُ أَنْ يَحْمِلَ عَلَيْهَا، أَوْ أَشَارَ إلَيْهَا؟ قَالُوا: لا. قَالَ: فَكُلُوا مَا بَقِيَ مِنْ لَحْمِهَا) متفق عليه.

وَفِي رِوَايَةٍ: (قَالَ: هَلْ مَعَكُمْ مِنْهُ شَيْءٌ؟ فَقُلْت: نَعَمْ. فَنَاوَلْتُهُ الْعَضُدَ، فَأَكَلَ مِنْهَا).

<<  <  ج: ص:  >  >>