أي: أن المسافر لا يقصر إلا إذا فارق وخرج من بنيان بلده.
والمراد بالمفارقة هنا المفارقة البدنية، أي: يتجاوز البيوت ولو بمقدار ذراع.
وهذا مذهب جماهير العلماء: أبو حنيفة، ومالك، والشافعي، وأحمد.
قال ابن المنذر: أجمعوا على أن المريد للسفر أن يقصر إذا خرج من جميع القرية التي يخرج منها.
وقال الحافظ: وهذا مذهب جمهور أهل العلم، أن المسافر إذا أراد سفراً تقصر في مثله الصلاة لا يقصر حتى يفارق جميع البيوت.
أ- لقوله تعالى (وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْض)، ولا يكون ضارباً في الأرض حتى يخرج، وقبل مفارقته لا يكون ضارباً فيها.
ب-ولأن النبي -صلى الله عليه وسلم- إنما كان يقصر إذا ارتحل كما في حديث أَنَس -رضي الله عنه- قَالَ (كَانَ رَسُولُ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- إِذَا خَرَجَ مَسِيرَةَ ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ أَوْ فَرَاسِخَ، صَلَّى رَكْعَتَيْنِ) رَوَاهُ مُسْلِم.
ج-وفي حديث أنس قال (صليت مع النبي -صلى الله عليه وسلم- الظهر بالمدينة أربعاً، وبذي الحليفة ركعتين). متفق عليه
د- عن نافع عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه كان إذا خرج حاجاً، أو معتمراً قصر الصلاة بذي الحليفة. رواه مالك.
د-ومن المعقول: فإنه لا يطلق على الشخص مسافراً إلا إذا باشر السفر وفعله، ولا يكون ذلك إلا بخروجه من بلده.
قال الشيخ ابن عثيمين: المسافر لا يعد مسافراً إلا إذا فارق العمران، لكن ليس المراد المفارقة بالرؤية، بل المفارقة بالبدن حتى لو كان بينه وبين البلد ذراعاً واحداً، فله أن يترخص برخص السفر.