للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• سبب مشروعيته: ضياع عقد عائشة.

عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَتْ (خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ، حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالْبَيْدَاءِ - أَوْ بِذَاتِ الْجَيْشِ - انْقَطَعَ عِقْدٌ لِي، فَأَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَلَى الْتِمَاسِهِ، وَأَقَامَ النَّاسُ مَعَهُ، وَلَيْسُوا عَلَى مَاءٍ، فَأَتَى النَّاسُ إِلَى أَبِى بَكْرٍ الصِّدِّيقِ فَقَالُوا أَلَا تَرَى مَا صَنَعَتْ عَائِشَةُ أَقَامَتْ بِرَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَالنَّاسِ، وَلَيْسُوا عَلَى مَاءٍ، وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ. فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ وَرَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَاضِعٌ رَأْسَهُ عَلَى فَخِذِي قَدْ نَامَ فَقَالَ حَبَسْتِ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَالنَّاسَ، وَلَيْسُوا عَلَى مَاءٍ، وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ. فَقَالَتْ عَائِشَةُ فَعَاتَبَنِي أَبُو بَكْرٍ، وَقَالَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُولَ، وَجَعَلَ يَطْعُنُنِي بِيَدِهِ فِي خَاصِرَتِي، فَلَا يَمْنَعُنِي مِنَ التَّحَرُّكِ إِلاَّ مَكَانُ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَلَى فَخِذِي، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- حِينَ أَصْبَحَ عَلَى غَيْرِ مَاءٍ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ آيَةَ التَّيَمُّمِ فَتَيَمَّمُوا، فَقَالَ أُسَيْدُ بْنُ الْحُضَيْرِ: مَا هِيَ بِأَوَّلِ بَرَكَتِكُمْ يَا آلَ أَبِى بَكْرٍ. قَالَتْ فَبَعَثْنَا الْبَعِيرَ الَّذِي كُنْتُ عَلَيْهِ، فَأَصَبْنَا الْعِقْدَ تَحْتَهُ). متفق عليه.

(فَأَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَلَى الْتِمَاسِهِ) أي: لأجل طلب ذلك العقد الضائع، (وَلَيْسُوا عَلَى مَاءٍ) أي: ليسوا نازلين على محل يوجد فيه ماء، (وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ) أي: وليسوا أيضاً حاملين معهم ماء من محل آخر، (فَأَنْزَلَ اللَّهُ آيَةَ التَّيَمُّمِ فَتَيَمَّمُوا) وهي آية المائدة على الراجح، فقد جاء في رواية للحديث عند المصنف (فنزلت: يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة … إلى قوله: تشكرون) وهي صريحة في أن الآية نزلت كاملة في قوت واحد في تلك السفرة.

(وهو بدل عن الماء عند تعذر استعماله).

أي: أن التيمم بدل عن الماء، ومن المعلوم أن البدل له حكم المبدل، فهذا يدل على أنه رافع ويقوم مقام الماء.

وهذا مذهب أبي حنيفة واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية

أ- لقوله تعالى: (فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ). قالوا: هذا دليل على أن التيمم طهارة، فهو مطهر كما يطهر الماء بنص القرآن.

ب- ولقوله -صلى الله عليه وسلم-: (وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً). قالوا:

هذا دليل على أن التراب طهور للمتيمم كما أن الماء طهور له إلا أن طهرة التراب مؤقتة.

ج- أنه بدل، والقاعدة الشرعية: (أن البدل له حكم المبدل).

<<  <  ج: ص:  >  >>