فيجيء هذا الدواء الشافي إلى قلب قد خلا من مزاحم ومضاد له فيجتمع فيه.
ومنها: أن الملائكة تدنو من قارئ القرآن وتستمع لقراءته، كما في حديث أسيد بن حضير لما كان يقرأ ورأى مثل الظلة فيها مثل المصابيح، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (تلك الملائكة)، والشيطان ضد الملك وعدوه، فأمر القارئ أن يطلب من الله تعالى مباعدة عدوه عنه حتى يُحَصِّلَ خاصته وملائكته، فهذه وليمة لا يجتمع فيها الملائكة والشياطين.
ومنها: أن الشيطان يُجْلِب على القارئ بخيله ورَجْله، حتى يشغله عن المقصود بالقرآن، وهو تدبره وتفهمه ومعرفة ما أراد به المتكلم به سبحانه، فيحرص على أن يحول بين قلبه وبين مقصود القرآن، فلا يكمل انتفاع القارئ به، فأمر عند الشروع أن يستعيذ بالله عز وجل منه.
ومنها: أن القارئ مناجٍ لله تعالى بكلامه، والله تعالى أشد أذَناً للقارئ الحسن الصوت بالقرآن من صاحب القَيْنَة إلى قينته، والشيطان إنما قراءته الشعر والغناء، فأمر القارئ أن يطرده بالاستعاذة عند مناجاته تعالى واستماع الرب قراءته.
ومنها: أن الشيطان أحرص ما يكون على الإنسان عند ما يهُمُّ بالخير أو يدخل فيه، فهو يشتد عليه حينئذٍ فيه، فهو يشتد عليه حينئذٍ ليقطعه عنه، وفي الصحيح عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إن شيطاناً تفلت علي البارحة، فأراد أن يقطع علي صلاتي)، وكلما كان الفعل أنفع للعبد وأحب إلى الله تعالى، كان اعتراض الشيطان له أكثر.
(ثم يبسمل سراَ).
أي: وبعد أن يستعيذ يسن أن يبسمل يقول: [بسم الله الرحمن الرحيم].
وهذا قول جمهور العلماء.
لحديث أبي هريرة:(أنه صلى فقرأ بسم الله الرحمن الرحيم حتى بلغ: ولا الضالين، حتى إذا أتم الصلاة قال: إني لأشبهكم صلاة برسول الله) رواه النسائي.