وعَنه قَالَ (كُنَّا نُصَلِّى الْعَصْرَ ثُمَّ يَخْرُجُ الإِنْسَانُ إِلَى بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ فَيَجِدُهُمْ يُصَلُّونَ الْعَصْرَ) رواه مسلم.
قال النووي: وَالْمُرَاد بِهَذِهِ الْأَحَادِيث وَمَا بَعْدهَا الْمُبَادَرَة لِصَلَاةِ الْعَصْر أَوَّل وَقْتهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِن أَنْ يَذْهَب بَعْد صَلَاة الْعَصْر مِيلَيْنِ وَثَلَاثَة وَالشَّمْس بَعْدُ لَمْ تَتَغَيَّر بِصُفْرَةٍ وَنَحْوهَا إِلَّا إِذَا صَلَّى الْعَصْر حِين صَارَ ظِلّ الشَّيْء مِثْله، وَلَا يَكَاد يَحْصُل هَذَا إِلَّا فِي الْأَيَّام الطَّوِيلَة. وَقَوْله: كُنَّا نُصَلِّي الْعَصْر، ثُمَّ يَخْرُج الْإِنْسَان إِلَى بَنِي عَمْرو بْن عَوْف فَيَجِدهُمْ يُصَلُّونَ الْعَصْر.
قَالَ الْعُلَمَاء: مَنَازِل بَنِي عَمْرو بْن عَوْف عَلَى مِيلَيْنِ مِنْ الْمَدِينَة، وَهَذَا يَدُلّ عَلَى الْمُبَالَغَة فِي تَعْجِيل صَلَاة رَسُول اللَّه -صلى الله عليه وسلم- وَكَانَتْ صَلَاة بَنِي عَمْرو فِي وَسَط الْوَقْت، وَلَوْلَا هَذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ حُجَّة، وَلَعَلَّ تَأْخِير بَنِي عَمْرو لِكَوْنِهِمْ كَانُوا أَهْل أَعْمَال فِي حُرُوثِهِمْ وَزُرُوعِهِمْ وَحَوَاطِيهِمْ، فَإِذَا فَرَغُوا مِنْ أَعْمَالهمْ تَأَهَّبُوا لِلصَّلَاةِ بِالطَّهَارَةِ وَغَيْرهَا ثُمَّ اِجْتَمَعُوا لَهَا، فَتَتَأَخَّر صَلَاتهمْ إِلَى وَسَط الْوَقْت لِهَذَا الْمَعْنَى. (شرح مسلم).
وقال في المجموع: وأما العصر فتقديمها في أول الوقت أفضل، وبه قال جمهور العلماء.
[صلاة المغرب.]
أ-عن سلَمة بن الأكوع (أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يصلي المغرب إذا غربت الشمس وتوارت بالحجاب) متفق عليه.
(قال النووي: اللَّفْظَانِ بِمَعْنًى، وَأَحَدهمَا تَفْسِير لِلْآخَرِ).
ب-وعن رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ قَالَ (كُنَّا نُصَلِّي اَلْمَغْرِبَ مَعَ اَلنَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فَيَنْصَرِفُ أَحَدُنَا وَإِنَّهُ لَيُبْصِرُ مَوَاقِعَ نَبْلِهِ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ
قال النووي: مَعْنَاهُ: أَنَّهُ يُبَكِّر بِهَا فِي أَوَّل وَقْتهَا بِمُجَرَّدِ غُرُوب الشَّمْس، حَتَّى نَنْصَرِف وَيَرْمِي أَحَدنَا النَّبْل عَنْ قَوْسه وَيُبْصِر لِبَقَاءِ الضَّوْء.
وَفِي هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ أَنَّ الْمَغْرِب تُعَجَّل عَقِب غُرُوب الشَّمْس وَهَذَا مُجْمَع عَلَيْهِ. (نووي).
وقال في العمدة: معنى الحديث، أنه يبكّر بالمغرب في أول وقتها بمجرد غروب الشمس، حتى ينصرف أحدنا، ويرمى النبل عن قوسه، ويبصر موقعه لبقاء الضوء.
ج- وروى أحمد من طريق علي بن بلال، عن ناس من الأنصار، قالوا (كنا نصلي مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المغرب، ثم نرجع فنترامى، حتى نأتي ديارنا، فما يخفى علينا مواقع سهامنا).