(ويجب على الإنسان أن يعترف بجميع الحقوق التي عليه للآدميين ليخرج من التبعة بأداء أو استحلال).
أي: يجب على الإنسان أن يبادر أن يقر بما عليه من حقوق للآدميين، حتى يسلم من إثمها وذلك يكون بأمرين:
إما بأدائها إلى أصحابها - أو باستحلالهم من ذلك.
فإن حقوق الآدميين مبناها على المشاحاة.
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- (مَنْ كَانَتْ لَهُ مَظْلَمَةٌ لأَخيه مِنْ عِرْضِهِ أَوْ شَىْءٍ فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهُ الْيَوْمَ، قَبْلَ أَنْ لَا يَكُونَ دِينَارٌ وَلَا دِرْهَمٌ، إِنْ كَانَ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ أُخِذَ مِنْهُ بِقَدْرِ مَظْلَمَتِهِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ صَاحِبِهِ فَحُمِلَ عَلَيْهِ) رواه البخاري.
[منْ كَانَتْ لَهُ مَظْلَمَةٌ لأَخيه] اللام في قوله (له) بمعنى (على) أي: من كانت عليه مظلمة لأخيه، وقد جاء في رواية عند البخاري (من كانت عنده مظلمة لأخيه) وللترمذي (رحم الله عبداً كانت له عند أخيه مظلمة).
[مِنْ عِرْضِهِ أَوْ شَىْءٍ] أي: من الأشياء، وهو من عطف العام على الخاص، فيدخل فيه المال بأصنافه والجراحات حتى اللطمة ونحوها، وعند الترمذي (من عرض أو مال).
[فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهُ] أي: يستبرئ ذمته منه بأدائه أو بعفوه.
[الْيَوْمَ] أي: في الدنيا.
[قَبْلَ أَنْ لَا يَكُونَ دِينَارٌ وَلَا دِرْهَمٌ] وذلك في يوم القيامة.
[وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ صَاحِبِهِ] أي: صاحب المظلمة.
[فَحُمِلَ عَلَيْهِ] أي: على الظالم.
ففي هذا الحديث أنه يجب على الإنسان أن يرد ما عليه من حقوق الآدميين، قبل أن يموت وينتقل إلى دار
الآخرة فتكون عليه وتؤخذ من حسناته إن كان له عمل صالح، فإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه.