(ولا بموت إن وثّقَ الورثة برهنٍ محرِز أو كفيل مليءٍ).
أي: كذلك لا يحل المؤجل بموت المدين بشرطين:
الأولى: إن وثق الورثة من الديْن برهن يكفي.
الثانية: أو أتوا بكفيل مليء.
لأنه لا ضرر على صاحب الحق.
فإن لم يوثقوا حل لغلبة الضرر. (الروض المربع).
قال ابن قدامة: فَأَمَّا إنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ دُيُونٌ مُؤَجَّلَةٌ، فَهَلْ تَحِلُّ بِالْمَوْتِ؟
فيهِ رِوَايَتَانِ.
إحْدَاهُمَا: لَا تَحِلُّ إذَا وَثَّقَ الْوَرَثَةُ.
وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ سِيرِينَ وَعَبْدِاللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ، وَإِسْحَاقَ، وَأَبِي عُبَيْدٍ.
وَالرِّوَايَةُ الْأُخْرَى: أَنَّهُ يَحِلُّ بِالْمَوْتِ.
وَبِهِ قَالَ الشَّعْبِيُّ، وَالنَّخَعِيُّ، وَسَوَّارٌ، وَمَالِكٌ، وَالثَّوْرِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ.
لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَبْقَى فِي ذِمَّةِ الْمَيِّتِ، أَوْ الْوَرَثَةِ، أَوْ يَتَعَلَّقُ بِالْمَالِ، لَا يَجُوزُ بَقَاؤُهُ فِي ذِمَّةِ الْمَيِّتِ لِخَرَابِهَا، وَتَعَذُّرِ مُطَالَبَتِهِ بِهَا، وَلَا ذِمَّةِ الْوَرَثَةِ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَلْتَزِمُوهَا، وَلَا رَضِيَ صَاحِبُ الدَّيْنِ بِذِمَمِهِمْ، وَهِيَ مُخْتَلِفَةٌ مُتَبَايِنَةٌ، وَلَا يَجُوزُ تَعْلِيقُهُ عَلَى الْأَعْيَانِ وَتَأْجِيلُهُ؛ لِأَنَّهُ ضَرَرٌ بِالْمَيِّتِ وَصَاحِبِ الدَّيْنِ، وَلَا نَفْعَ لِلْوَرَثَةِ فِيهِ.
أَمَّا الْمَيِّتُ فَلِأَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ (الْمَيِّتُ مُرْتَهَنٌ بِدَيْنِهِ، حَتَّى يُقْضَى عَنْهُ) وَأَمَّا صَاحِبُهُ فَيَتَأَخَّرُ حَقُّهُ، وَقَدْ تَتْلَفُ الْعَيْنُ فَيَسْقُطُ حَقُّهُ وَأَمَّا الْوَرَثَةُ، فَإِنَّهُمْ لَا يَنْتَفِعُونَ بِالْأَعْيَانِ، وَلَا يَتَصَرَّفُونَ فِيهَا، وَإِنْ حَصَلَتْ لَهُمْ مَنْفَعَةٌ، فَلَا يَسْقُطُ حَظُّ الْمَيِّتِ وَصَاحِبِ الدَّيْنِ لِمَنْفَعَةِ لَهُمْ. … (المغني)
وقال ابن رشد: وجمهور العلماء على أن الديون تحلُّ بالموت.