وَأَمَّا الْمُتَوَحِّش: كَالصَّيْدِ فَجَمِيع أَجْزَائِهِ يُذْبَح مَا دَامَ مُتَوَحِّشًا، فَإِذَا رَمَاهُ بِسَهْمٍ أَوْ أَرْسَلَ عَلَيْهِ جَارِحَة فَأَصَابَ شَيْئًا مِنْهُ وَمَاتَ بِهِ حَلَّ بِالْإِجْمَاعِ.
وَأَمَّا إِذَا تَوَحَّشَ إِنْسِيّ بِأَنَ نَدَّ بَعِير أَوْ بَقَرَة أَوْ فَرَس أَوْ شَرَدَتْ شَاة أَوْ غَيْرهَا فَهُوَ كَالصَّيْدِ، فَيَحِلّ بِالرَّمْيِ إِلَى غَيْر مَذْبَحه، وَبِإِرْسَالِ الْكَلْب وَغَيْره مِنْ الْجَوَارِح عَلَيْهِ، وَكَذَا لَوْ تَرَدَّى بَعِير أَوْ غَيْره فِي بِئْر وَلَمْ يُمْكِن قَطْع حُلْقُومه وَمَرِيئُهُ فَهُوَ كَالْبَعِيرِ النَّادّ فِي حِلّه بِالرَّمْيِ
ثم قال النووي: قَالَ أَصْحَابنَا: وَلَيْسَ الْمُرَاد بِالتَّوَحُّشِ مُجَرَّد الْإِفْلَات، بَلْ مَتَى تَيَسَّرَ لُحُوقه بَعْد وَلَوْ بِاسْتِعَانَةٍ بِمَنْ يُمْسِكهُ وَنَحْو ذَلِكَ فَلَيْسَ مُتَوَحِّشًا، وَلَا يَحِلّ حِينَئِذٍ إِلَّا بِالذَّبْحِ فِي الْمَذْبَح. … (شرح مسلم).
وقال الشيخ محمد بن عثيمين: إنهار الدم له حالات:
الحالة الأولى: أن يكون المذكى غير مقدور عليه، مثل أن يهرب أو يسقط في بئر أو في مكان سحيق لا يمكن الوصول إلى رقبته أو نحو ذلك، فيكفي في هذه الحال إنهار الدم في أي موضع كان من بدنه حتى يموت، لحديث الباب.
الحالة الثانية: أن يكون مقدوراً عليه، بحيث يكون حاضراً أو يمكن إحضاره بين يدي المذكي، فيشترط أن يكون الإنهار في موضع معين وهو الرقبة.
(وَيُكْرَهُ أَنْ يَذْبَحَ بِآلَةٍ كَالَّةٍ).
أي: يكره الذبح بآلة كآلة (أي غير حادة قد استعملت مراراً وتكراراً حتى صارت لا تنهر الدم إنهاراً تاماً).
أ-لقوله -صلى الله عليه وسلم-: (وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته) رواه مسلم.
فقوله (وليحد أحدكم شفرته) هذا أمر والأمر يقتضي الوجوب.
ب-ولأن في الذبح بالآلة الكآلة إيلام للبهيمة بدون فائدة.
والصحيح أن الذبح بآلة كالة حرام، وأنه يجب إحداد الشفرة لقوله -صلى الله عليه وسلم- (وليحد .. ) وهذا أمر والأمر للوجوب.