(والدم الكثير عرفاً).
أي: ومن نواقض الوضوء خروج الدم، لكن بشرط أن يكون كثيراً.
وهذا هو المذهب.
وروي ذلك عن ابن عباس وابن عمر وسعيد بن المسيب وعلقمة.
أ-لحديث أبي الدرداء قال: (أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قاء فتوضأ) رواه الترمذي.
ب-حديث عائشة. قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (مَنْ أَصَابَهُ قَيْءٌ أَوْ رُعَافٌ، أَوْ قَلَسٌ، أَوْ مَذْيٌ فَلْيَنْصَرِفْ فَلْيَتَوَضَّأ) رواه ابن ماجه وهو ضعيف.
ج-قول النبي -صلى الله عليه وسلم- للمرأة المستحاضة (إِنَّمَا ذَلِكِ عِرْقٌ، فتَوَضَّئِي لِكُلِّ صَلاةٍ).
قالوا: فَعَلَّلَ وجوبَ الوضوءِ بأنه دم عرق، وكلُّ الدماء كذلك.
واختلف العلماء في قدر الكثير:
قيل: قدر الكف. وقيل: قدر الدرهم. وقيل: يرجع إلى العرف. وقيل: المعتبر أوساط الناس قلة وكثرة.
وذهب بعض العلماء: إلى أن خروج الدم من غير السبيلين لا ينقض الوضوء قليلاً كان أو كثيراً.
وهذا مذهب الشافعي، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية.
أ-لما جاء في صحيح البخاري تعليقاً عن جابر (أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان في غزوة ذات الرقاع، فرمي رجل بسهم فنزفه الدم فركع وسجد ومضى في صلاته) رواه أحمد وأبو داود.
ب- (وصلى عمر وجرحه يثعب دماً) رواه مالك.
ج-وقال الحسن (ما زال المسلمون يصلون في جراحاتهم).
د-لعدم الدليل.
ورجح هذا القول شيخ الإسلام ابن تيمية والشيخ السعدي.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ليس مع الموجبين دليل صحيح، بل الأدلة الراجحة تدل على عدم الوجوب، لكن الاستحباب متوجه ظاهر.
وقال الشيخ السعدي: الصحيح أن الدم والقيء ونحوهما لا ينقض الوضوء قليلها وكثيرها لأنه لم يرد دليل على نقض الوضوء بها والأصل
بقاء الطهارة.