للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فائدة: ٨

عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ (فَرَضَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ الصَّلَاة عَلَى لِسَان نَبِيّكُمْ -صلى الله عليه وسلم- فِي الْحَضَر أَرْبَعًا وَفِي السَّفَر رَكْعَتَيْنِ، وَفِي الْخَوْف رَكْعَة) رواه مسلم

في هذه الحديث صفة أخرى من صفات صلاة الخوف، وهي الاقتصار على ركعة واحدة لكل طائفة.

وقد اختلف العلماء في هذه المسألة على قولين:

القول الأول: يجوز الاقتصار على ركعة واحدة في صلاة الخوف.

قال الحافظ: وبالاقتصار على ركعة واحدة في الخوف يقول الثوري وإسحاق ومن تبعهما، وقال به أبو هريرة، وأبو موسى الأشعري، وغير واحد من التابعين.

قال النووي في شرح حديث (وفي الخوف ركعة) هذا الحديث قد عمل بظاهره طائفة من السلف منهم الحسن، والضحاك واسحق بن راهويه.

القول الثاني: لا يجوز الاقتصار على ركعة واحدة في صلاة الخوف.

وهذا مذهب الجمهور.

وأجابوا عن الحديث: بأن المراد بها ركعة واحدة مع الإمام، وليس فيها نفي الثانية.

قال النووي: وَقَالَ الشَّافِعِيّ وَمَالِك وَالْجُمْهُور: إِنَّ صَلَاة الْخَوْف كَصَلَاةِ الْأَمْن فِي عَدَد الرَّكَعَات، فَإِنْ كَانَتْ فِي الْحَضَر وَجَبَ أَرْبَع رَكَعَات، وَإِنْ كَانَتْ فِي السَّفَر وَجَبَ رَكْعَتَانِ. وَلَا يَجُوز الِاقْتِصَار عَلَى رَكْعَة وَاحِدَة فِي حَال مِنْ الْأَحْوَال، وَتَأَوَّلُوا حَدِيث اِبْن عَبَّاس هَذَا عَلَى أَنَّ الْمُرَاد رَكْعَة مَعَ الْإِمَام وَرَكْعَة أُخْرَى يَأْتِي بِهَا مُنْفَرِدًا كَمَا جَاءَتْ الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة فِي صَلَاة النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم- وَأَصْحَابه فِي الْخَوْف. وَهَذَا التَّأْوِيل لَا بُدّ مِنْهُ لِلْجَمْعِ بَيْن الْأَدِلَّة. وَاللَّهُ أَعْلَم. (شرح مسلم).

وقال في المجموع: والجواب عن حديث ابن عباس: أن معناه أن المأموم يصلي مع الإمام ركعة ويصلي الركعة الأخرى وحده، وبهذا الجواب أجاب البيهقي وأصحابنا في كتب المذهب وهو متعين للجمع بين الأحاديث الصحيحة.

قال الشوكاني: ويرد ذلك قوله في حديث ابن عباس (ولم يقضوا ركعة)، وكذا قوله في حديث حذيفة (ولم يقضوا).

وكذا قوله في حديث ابن عباس الثاني: (وفي الخوف ركعة).

<<  <  ج: ص:  >  >>