للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروى اَلطَّبَرِيّ عَنْ اِبْن عُمَر قَالَ (إِذَا اِخْتَلَطُوا - يَعْنِي فِي اَلْقِتَالِ - فَإِنَّمَا هُوَ اَلذِّكْرُ وَإِشَارَة اَلرَّأْس).

وروى البخاري عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا … ذكر صفة صلاة الخوف، ثم قال: (فَإِنْ كَانَ خَوْفٌ هُوَ أَشَدَّ مِنْ ذَلِكَ صَلَّوْا رِجَالًا قِيَامًا عَلَى أَقْدَامِهِمْ، أَوْ رُكْبَانًا مُسْتَقْبِلِي الْقِبْلَةِ أَوْ غَيْرَ مُسْتَقْبِلِيهَا) قَالَ نَافِعٌ: لا أُرَى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ ذَكَرَ ذَلِكَ إِلا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-.

قال الحافظ: وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ اُخْتُلِفَ فِي قَوْلِهِ " فَإِنْ كَانَ خَوْف أَشَدّ مِنْ ذَلِكَ " هَلْ هُوَ مَرْفُوعٌ أَوْ مَوْقُوفٌ عَلَى اِبْن عُمَر، وَالرَّاجِح رَفْعه " انتهى.

وقال في المنتقى شرح الموطأ (فَإِنْ كَانَ خَوْفًا هُوَ أَشَدُّ مِنْ ذَلِكَ) يَعْنِي: خَوْفًا لا يُمْكِنُ مَعَهُ الْمُقَامُ فِي مَوْضِعٍ، وَلا إقَامَةَ صَفٍّ، صَلَّوْا رِجَالا؛ قِيَامًا عَلَى أَقْدَامِهِمْ، وَذَلِكَ أَنَّ الْخَوْفَ عَلَى ضَرْبَيْنِ: ضَرْبٌ يُمْكِنُ فِيهِ الاسْتِقْرَارُ وَإِقَامَةُ الصَّفِّ لَكِنْ يَخَافُ مِنْ ظُهُورِ الْعَدُوِّ

بِالاشْتِغَالِ بِالصَّلاةِ …

وَأَمَّا الضَّرْبُ الثَّانِي مِنْ الْخَوْفِ: فَهَذَا أَنْ لا يُمْكِنَ مَعَهُ اسْتِقْرَارٌ، وَلا إقَامَةُ صَفٍّ، مِثْلُ الْمُنْهَزِمِ (الهارب من العدو) الْمَطْلُوبِ فَهَذَا يُصَلِّي كَيْفَ أَمْكَنَهُ، رَاجِلا أَوْ رَاكِبًا، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: (فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالا أَوْ رُكْبَانًا) " انتهى باختصار

• وهذا على قول من يقول لا يجوز تأخير الصلاة عن وقتها، وهو قول أكثر العلماء، ونسبه ابن كثير للجمهور للآية السابقة، وقال آخرون: يجوز تأخيرها عن وقتها إذا اشتد الخوف، ولم يمكن المصلي أن يتدبر ما يقول، واستدلوا بتأخير الرسول -صلى الله عليه وسلم- الصلاة في غزوة الخندق، والجمهور يستدلون بأن صلاة الخوف لم تكن مشروعة في غزوة الخندق، لما تقدم أنها شرعت في غزوة عسفان، وهي بعد الخندق.

قوله (يومئون بالركوع والسجود) أي: يومئون بالركوع والسجود، إيماء على قدر طاقتهم، لأنهم لو تمموا الركوع والسجود كانوا هدفاً لأسلحة العدو، ويكون سجودهم أخفض من ركوعهم، ولا يلزمهم السجود على ظهر المركوب.

<<  <  ج: ص:  >  >>