للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال في الفتح: المقصود منه المبالغة في إخفاء الصدقة بحيث أن شماله مع قربها من يمينه وتلازمهما لو تصور أنها تعلم لما علمت ما فعلت اليمين لشدة إخفائها فهو على هذا من مجاز التشبيه ويؤيده رواية حماد بن زيد عند الجوزقي تصدق بصدقة كأنما أخفى يمينه من شماله.

فائدة: ٢

وأما الزكاة المفروضة فالأفضل إظهارها.

لأجل أن يقتدي به غيره، ولئلا يُساء الظن به، فيظن بعض الناس أنه لا يخرج زكاة.

قال النووي: الأفضل في الزكاة إظهار إخراجها; ليراه غيره فيعمل عمله، ولئلا يساء الظن به، وهذا كما أن الصلاة المفروضة يستحب إظهارها، وإنما يستحب الإخفاء في نوافل الصلاة والصوم. (المجموع). (وتقدمت المسألة).

(ويتأكد استحباب الصدقة وقت الحاجات).

أي: يتأكد استحباب الصدقة كلما اشتدت حاجة الفقير.

وذلك أن سد الحاجات وستر العورات من أهم مقاصد تشريع الصدقات.

فعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال (أَفْضَلُ الأَعْمَالِ: إِدْخَالُ السُّرُورِ عَلَى المُؤمِنِ: كَسَوْتَ عَوْرَتَهُ، وَأَشْبَعْتَ جَوْعَتَه، أَوْ قَضَيتَ لَهُ حَاجَةً) رواه الطبراني في المعجم الأوسط.

وقال الشيخ ابن عثيمين: فإن قيل: أيها أولى أن تصرف فيه الزكاة من هذه الأصناف الثمانية؟

قلنا: إن الأولى ما كانت الحاجة إليه أشد؛ لأن كل هؤلاء استحقوا الوصف، فمن كان أشد إلحاحاً وحاجة فهو أولى، والغالب أن الأشد هم الفقراء والمساكين، ولهذا بدأ الله تعالى بهم فقال: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَآءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِى الرِّقَابِ وَالْغاارِمِينَ وَفِى سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ).

وجاء في (الموسوعة الفقهية) إعطاء المستحقّين الزّكاة ليس بدرجةٍ واحدةٍ من الفضل، بل يتمايز: فقد نصّ المالكيّة على أنّه يندب للمزكّي إيثار المضطرّ على غيره، بأن يزاد في إعطائه منها دون عموم الأصناف.

<<  <  ج: ص:  >  >>