فهذا يدل على جواز الموعظة عند القبر في بعض الأحيان وليس ذلك سنة راتبة، بل إن قول البراء في الحديث (ولمّا يلحد) دليلاً على أن الوعظ كان لعارض وهو تأخر دفن الميت، لأن القبر لم يجهز، فأراد النبي -صلى الله عليه وسلم- موعظة أصحابه إلى أن يُنتهى من تجهيز القبر. … والله أعلم.
(ويجوز الدفن ليلاً إلا من ضرورة).
أي: ويجوز دفن الميت ليلاً.
وهذا قول الجمهور.
قال النووي: وهذا هو قول جماهير العلماء من السلف والخلف.
وجه الدلالة: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم ينكر على الصحابة دفنهم إياه بالليل، وإنما أنكر عليهم عدم إعلامهم بأمره.
ب-ولحديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال (أن امرأة سوداء كانت تقم المسجد -وفي رواية: كانت تلتقط الخرق والعيدان من المسجد- ففقدها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فسأل عنها فقالوا: ماتت، قال: أفلا كنتم آذنتموني؟ قال: فكأنهم صغروا أمرها، وفي رواية: قالوا: ماتت من الليل ودفنت فكرهنا أن نوقظك، فقال: دلوني على قبرها، فدلوه فصلى عليها ثم قال: إن هذه القبور مملوءة ظلمة على أهلها وإن الله عز وجل ينورها لهم بصلاتي عليهم) متفق عليه، والرواية التي فيها وجد الشاهد عند البيهقي.