للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ويَحكمُ على الغائبِ إذا ثَبتَ عليه الحق).

أي: أن القاضي يحكم للمدعي إذا كان المدعَى عليه غائباً عن البلد (كأن يكون مسافراً أو مستتر في البلد).

قال ابن قدامة: أَنَّ مَنْ ادَّعَى حَقًّا عَلَى غَائِبٍ فِي بَلَدٍ آخَرَ، وَطَلَبَ مِنْ الْحَاكِمِ سَمَاعَ الْبَيِّنَةِ، وَالْحُكْمَ بِهَا عَلَيْهِ، فَعَلَى الْحَاكِمِ إجَابَتُهُ، إذَا كَمُلَتْ الشَّرَائِطُ، وَبِهَذَا قَالَ ابْنُ شُبْرُمَةُ وَمَالِكٌ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَاللَّيْثُ، وَسَوَّارٌ، وَأَبُو عُبَيْدٍ، وَإِسْحَاقُ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ.

أ-لحديث عَائِشَة قَالَتْ (دَخَلَتْ بِنْتُ عُتْبَةَ -اِمْرَأَةُ أَبِي سُفْيَانَ- عَلَى رَسُولِ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اَللَّهِ! إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ شَحِيحٌ لَا يُعْطِينِي مِنْ اَلنَّفَقَةِ مَا يَكْفِينِي وَيَكْفِي بَنِيَّ، إِلَّا مَا أَخَذْتُ مِنْ مَالِهِ بِغَيْرِ عِلْمِهِ، فَهَلْ عَلِيَّ فِي ذَلِكَ مِنْ جُنَاحٍ? فَقَالَ: "خُذِي مِنْ مَالِهِ بِالْمَعْرُوفِ مَا يَكْفِيكِ، وَيَكْفِي بَنِيك) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وجه الدلالة: قضاء النبي -صلى الله عليه وسلم- على أبي سفيان لزوجته وهو غائب.

قال ابن المنذر: هذا حكم منه بالنفقة، وأبو سفيان ليس بحاضر ولم ينتظر حضوره.

ب- صح عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه حكم على الغائب، كما حدث في حادثة العرنيين الذين قتلوا الرعاء، وسملوا أعينهم، وفروا، فأرسل إليهم القائف يتبعهم وهم غيب، حتى أدركوا، واقتص منهم.

ج-صح عن عمر، وعثمان -رضي الله عنهما- القضاء على الغائب، ولا مخالف لهما من الصحابة.

د- المدعي له بينة مسموعة عادلة فجاز الحكم بها، كما لو كان الخصم حاضراً.

وذهب بعض العلماء: إلى عدم جواز ذلك.

أ-لحديث أُمّ سَلَمةَ أَن رسول اللَّه -صلى الله عليه وسلم- قال (إِنَّمَا أَنَا بشَرٌ، وَإِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ، وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحنَ بحُجَّتِهِ مِنْ بَعْض، فأَقْضِي لَهُ بِنحْو ما أَسْمَعُ).

قال ابن رشد: هذا الحديث عمدة من منع القضاء على الغائب.

<<  <  ج: ص:  >  >>