للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال: (من أكل أول النهار فليأكل آخره)، وروي عن جابر بن يزيد وهو أبو الشعثاء أحد أئمة التابعين الفقيه أنه قدم من سفر فوجد امرأته طاهراً من الحيض في ذلك اليوم فجامعها، ذكر هذين الأثرين في المغني، ولم يتعقبهما.

ولأنه لا فائدة من الإمساك، لأنه لا يصح صيام ذلك اليوم إلا من الفجر.

ولأن هؤلاء يباح لهم الفطر أول النهار ظاهراً وباطناً مع علمهم بأنه رمضان، والله إنما أوجب الإمساك من أول النهار من الفجر، وهؤلاء في ذلك الوقت ليسوا من أهل الوجوب، فلم يكونوا مطالبين بالإمساك المأمور به.

(وإذا اشتبهتْ الأشهرُ على الأسيرِ تحرى وصام، فإن وافق الشهرَ أو ما بعدَه أجزأه، وإن وافقَ ما قبلَه لم يجزهِ).

مَنْ كَانَ مَحْبُوسًا أَوْ مَطْمُورًا، أَوْ فِي بَعْضِ النَّوَاحِي النَّائِيَةِ عَنْ الْأَمْصَارِ لَا يُمْكِنُهُ تَعَرُّفُ الْأَشْهُرِ بِالْخَبَرِ، فَاشْتَبَهَتْ عَلَيْهِ الْأَشْهُرُ، فَإِنَّهُ يَتَحَرَّى وَيَجْتَهِدُ، فَإِذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ عَنْ أَمَارَةٍ تَقُومُ فِي نَفْسِهِ دُخُولُ شَهْرِ رَمَضَانَ صَامَهُ.

وَلَا يَخْلُو مِنْ أَرْبَعَةِ أَحْوَالٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ لَا يَنْكَشِفَ لَهُ الْحَالُ.

فَإِنَّ صَوْمَهُ صَحِيحٌ، وَيُجْزِئُهُ؛ لِأَنَّهُ أَدَّى فَرْضَهُ بِاجْتِهَادِه، فَأَجْزَأَهُ، كَمَا لَوْ صَلَّى فِي يَوْمِ الْغَيْمِ بِالِاجْتِهَادِ.

جاء في (الموسوعة الفقهية) فَهَذَا يُجْزِئُهُ صَوْمُهُ وَلَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ فِي قَوْل الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَالْمُعْتَمَدِ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، لأِنَّهُ بَذَل وُسْعَهُ وَلَا يُكَلَّفُ بِغَيْرِ ذَلِكَ، كَمَا لَوْ صَلَّى فِي يَوْمِ الْغَيْمِ بِالاِجْتِهَادِ، وَقَال ابْنُ الْقَاسِمِ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ: لَا يُجْزِيهِ الصَّوْمُ؛ لاِحْتِمَال وُقُوعِهِ قَبْل وَقْتِ رَمَضَانَ.

الثَّانِي: أَنْ يَنْكَشِفَ لَهُ أَنَّهُ وَافَقَ الشَّهْرَ أَوْ مَا بَعْدَهُ، فَإِنَّهُ يُجْزِئُهُ فِي قَوْلِ عَامَّةِ الْفُقَهَاءِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>