الضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يُشَبِّهَهَا بِظَهْرِ مَنْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ مِنْ ذَوِي رَحِمِهِ، كَجَدَّتِهِ وَعَمَّتِهِ وَخَالَتِهِ وَأُخْتِهِ.
فَهَذَا ظِهَارٌ فِي قَوْلِ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ.
قال ابن قدامة مستدلاً لهذا القول:
أ- وَلَنَا أَنَّهُنَّ مُحَرَّمَاتٌ بِالْقَرَابَةِ، فَأَشْبَهْنَ الْأُمَّ فَأَمَّا الْآيَةُ فَقَدْ قَالَ فِيهَا (وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنْ الْقَوْلِ وَزُورًا).
وَهَذَا مَوْجُودٌ فِي مَسْأَلَتِنَا، فَجَرَى مَجْرَاهُ.
ب- وَتَعْلِيقُ الْحُكْمِ بِالْأُمِّ لَا يَمْنَعُ ثُبُوتَ الْحُكْمِ فِي غَيْرِهَا إذَا كَانَتْ مِثْلَهَا.
الضَّرْبُ الثَّالِثُ: أَنْ يُشَبِّهَهَا بِظَهْرِ مِنْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ عَلَى التَّأْبِيدِ سِوَى الْأَقَارِبِ، كَالْأُمَّهَاتِ الْمُرْضِعَاتِ، وَالْأَخَوَاتِ مِنْ الرَّضَاعَةِ، وَحَلَائِلِ الْآبَاءِ وَالْأَبْنَاءِ، وَأُمَّهَاتِ النِّسَاءِ، وَالرَّبَائِبِ اللَّائِي دَخَلَ بِأُمِّهِنَّ، فَهُوَ ظِهَارٌ أَيْضًا.
وَالْخِلَافُ فِيهَا كَالَّتِي قَبْلَهَا.
[فائدة: ٥]
اختلف العلماء: إذَا شَبَّهَهَا بِظَهْرِ مَنْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ تَحْرِيمًا مُؤَقَّتًا؛ كَأُخْتِ امْرَأَتِهِ، وَعَمَّتِهَا.
فقيل: لا يكون ظهاراً.
وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ.
لِأَنَّهَا غَيْرُ مُحَرَّمَةٍ عَلَى التَّأْبِيدِ، فَلَا يَكُونُ التَّشْبِيهُ بِهَا ظِهَارًا.
وقيل: يكون ظهاراً.
وَهُوَ اخْتِيَارُ الْخِرَقِيِّ وَقَوْلُ أَصْحَابِ مَالِكٍ.
لأَنَّهُ شَبَّهَهَا بِمُحَرَّمَةٍ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ شَبَّهَهَا بِالْأُمِّ.
وهذا ظاهر اختيار ابن قدامة.