[القول الثاني: أن تلقين الميت في قبره جائز وليس بمستحب.]
واختار هذا شيخ الإسلام ابن تيمية، ووصفه بأنه أعدل الأقوال.
ولعل مستند هذا القول، أن حديث التلقين بعد الدفن لم يثبت، ولم يرد النهي عنه، فيكون مباحاً لدخوله في عموم الدعاء بالثبات المأمور به.
[القول الثالث: أنه مكروه وبدعة.]
وهو اختيار ابن القيم في الهدي.
قال ابن القيم: ولم يكن -أي النبي- يجلس يقرأ عند القبر، ولا يلقن الميت كما يفعله الناس اليوم.
ولأن النبي -صلى الله عليه وسلم- علمنا بعد الدفن أن ندعو له بالمغفرة والثبات، ولم يعلمنا التلقين.
ولا يعرف عن أحد من الصحابة فعل التلقين.
وهذا القول هو الراجح.
وأما حديث أبي أمامة السابق، فهو لا يصح، وإذا كان كذلك فلا يصح الاعتماد عليه أو العمل به مطلقاً، فقول النووي أو غيره بأن الحديث الضعيف يستأنس به، وذلك في أحاديث الفضائل والترغيب والترهيب، مردود بأن هذا الحديث ضعيف، وضعفه شديد، بل هو موضوع في نظر بعض الأئمة.
وأما جعل حديث (واسألوا له التثبيت) شاهداً لحديث التلقين، فهذا غير صحيح، لأن حديث (اسألوا له التثبيت) ليس فيه إلا الدعاء للميت، وكذلك أثر عمرو بن العاص وأمره بالوقوف عند قبره مقدار ما ينحر الجزور لا شهادة فيه على التلقين.
وأما قولهم: إن هذا العمل عليه الناس أو عليه عمل أهل الشام، فهذا لا حجة فيه، بل قول الإمام أحمد: ما رأيت أحداً يفعله إلا أهل الشام، دليل على أن المسألة مبتدعة، وأنها لم تكن في القرون المفضلة. [كتاب أحكام المقابر - اختيارات ابن تيمية الفقهية]