للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الإمام النووي: وَفِي حَدِيث اِبْن عَبَّاس -رضي الله عنه- أَنْ يَقُول: أَلَا صَلُّوا فِي رِحَالكُمْ فِي نَفْس الْأَذَان، وَفِي حَدِيث اِبْن عُمَر أَنَّهُ قَالَ فِي آخِر نِدَائِهِ. وَالْأَمْرَانِ جَائِزَانِ نَصَّ عَلَيْهِمَا الشَّافِعِيّ - رَحِمَهُ اللَّه تَعَالَى - فِي الْأُمّ فِي كِتَاب الْأَذَان، وَتَابَعَهُ جُمْهُور أَصْحَابنَا فِي ذَلِكَ، فَيَجُوز بَعْد الْأَذَان، وَفِي أَثْنَائِهِ لِثُبُوتِ السُّنَّة فِيهِمَا، لَكِنَّ قَوْله بَعْده أَحْسَن لِيَبْقَى نَظْم الْأَذَان عَلَى وَضْعه، وَمِنْ أَصْحَابنَا مَنْ قَالَ: لَا يَقُولهُ إِلَّا بَعْد الْفَرَاغ، وَهَذَا ضَعِيف مُخَالِف لِصَرِيحِ حَدِيث اِبْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا، وَلَا مُنَافَاة بَيْنه وَبَيْن الْحَدِيث الْأَوَّل حَدِيث اِبْن عُمَر رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا; لِأَنَّ هَذَا جَرَى فِي وَقْت وَذَلِكَ فِي وَقْت، وَكِلَاهُمَا صَحِيح. (نووي)

وأما الجواب عن أصحاب القول الأول في أنها تقال بدلاً من الحيعلتين: فقد قال الحافظ ابن حجر: ويمكن الجمع بينهما ولا يلزم منه ما ذكر بأن يكون معنى الصلاة في الرحال رخصة لمن أراد أن يترخص، ومعنى هلموا إلى الصلاة ندب لمن أراد أن يستكمل الفضيلة ولو تحمل المشقة، ويؤيد ذلك حديث جابر عند مسلم قال (خرجنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في سفر فمطرنا فقال ليصل من شاء منكم في رحله)

[فوائد]

[فائدة: ١]

لا يجوز أذان امرأة للرجال.

ويدل لذلك:

عن ابْن عُمَرَ رضي الله عنهما قال: كَانَ الْمُسْلِمُونَ حِينَ قَدِمُوا الْمَدِينَةَ يَجْتَمِعُونَ فَيَتَحَيَّنُونَ الصَّلاةَ لَيْسَ يُنَادَى لَهَا، فَتَكَلَّمُوا يَوْمًا فِي ذَلِكَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: اتَّخِذُوا نَاقُوسًا مِثْلَ نَاقُوسِ النَّصَارَى، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بَلْ بُوقًا مِثْلَ قَرْنِ الْيَهُودِ، فَقَالَ عُمَرُ: أَوَلا تَبْعَثُونَ رَجُلا يُنَادِي بِالصَّلاةِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: (يَا بِلالُ، قُمْ فَنَادِ بِالصَّلاة).

فهذا الحديث يدل على أنه من المقرر عند الصحابة أنه لا ينادي للصلاة إلا الرجال، وأنه لا مدخل للنساء في ذلك، لقول عمر -رضي الله عنه-: (أَوَلا تَبْعَثُونَ رَجُلا يُنَادِي بِالصَّلاة).

<<  <  ج: ص:  >  >>