(وسجود السهوِ لِما يُبطِلُ عمدُه واجب).
أي: أن سجود السهو واجب لكل شيء يبطل الصلاة عمده.
مثال ذلك: لو تركت قول: «رَبِّ اغفرْ لي» بين السَّجدتين وَجَبَ عليك سجود السَّهو، لأنك لو تعمَّدت تَرْكَهُ لبطلت صلاتُكَ.
مثال آخر: لو تَرَكَ التشهُّدَ الأول نسياناً يجب عليه السُّجود فقط، ولا يجب عليه الإِتيان به؛ لأنه واجب يسقط بالسَّهو.
مثال ثالث: لو تَرَكَ الاستفتاح لا يجب عليه سجود السَّهو، لأنه لو تعمَّد تَرْكه لم تبطل صلاته.
(ومحلُّه قبل السلام إلا من سلّم قبل إتمامها أو شك فبنى على غالب ظنه).
أي: أن محل سجود السهو قبل السلام، لأنه من تمام الصلاة وجبرها، فكان قبل سلامها إلا في مسألتين فإنه يسجد بعد السلام.
الأولى: إذا سلم قبل إتمام الصلاة.
لحديث ذي اليدين وقد تقدم.
الثانية: إذا شك وبنى على غالب ظنه، فإنه يسجد بعد السلام.
لحديث ابن مسعود - وقد تقدم - قال: قال -صلى الله عليه وسلم- (وَإِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ فَلْيَتَحَرَّ الصَّوَابَ فَلْيُتِمَّ عَلَيْهِ ثُمَّ لْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْن).
وبقي مسألة ثالثة يسجد فيها بعد السلام: وهي ما إذا كان عن زيادة.
لأن الزيادة زيادة في الصلاة، وسجود السهو زيادة أيضاً، فلا تجتمع زيادتان.
لحديث ابن مسعود. قال (صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- خَمْسًا فَلَمَّا انْفَتَلَ تَوَشْوَشَ الْقَوْمُ بَيْنَهُمْ فَقَالَ «مَا شَأْنُكُمْ». قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ زِيدَ فِي الصَّلَاةِ قَالَ «لَا». قَالُوا فَإِنَّكَ قَدْ صَلَّيْتَ خَمْسًا. فَانْفَتَلَ ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ ثُمَّ قَالَ «إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أَنْسَى كَمَا تَنْسَوْنَ». وَزَادَ ابْنُ نُمَيْرٍ فِي حَدِيثِهِ «فَإِذَا نَسِىَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ).
قال الشيخ ابن عثيمين: ولا يقال: إن النبي -صلى الله عليه وسلم- سجد بعد السلام، هنا ضرورة أنه لم يعلم إلا بعد السلام؛ لأننا نقول: لو كان الحكم يختلف عما فعل لقال لهم -عليه السلام-: إذا علمتم بالزيادة قبل أن تسلموا فاسجدوا لها قبل السلام، فلما أقر الأمر على ما كان عليه علم أن سجود السهود للزيادة يكون بعد السلام.
وقد ذهب بعض العلماء: إلى أن السجود للسهو محله قبل السلام.