للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقيل: يطهر بالدباغ جلد كل ميتة مطلقاً حتى الكلب والخنزير.

وهذا قول داود الظاهري، وهو اختيار ابن عبد البر، ورجحه الشوكاني.

لعموم الأدلة، فالأحاديث الواردة لم يُفرّق فيها بين الكلب والخنزير وما عداهما.

أ-كحديث ابْنِ عَبَّاسٍ قال: قَالَ رَسُولُ الْلَّهِ -صلى الله عليه وسلم- (إِذَا دُبِغَ الْإِهَابُ فَقَدْ طَهُرَ) أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ. وَعِنْدَ الْأَرْبَعَةِ: (أَيُّمَا إِهَابٍ دُبِغَ) فهو نص صريح في طهارة جلد الميتة بالدباغ.

فقوله (إِذَا دُبِغَ الْإِهَابُ … ) وإهاب هذه نكرة في سياق الشرط فتعم كل إهاب.

ب- وكحديث سَلَمَة بْن الْمُحَبِّقِ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ الْلَّهِ -صلى الله عليه وسلم- (دِبَاغُ جُلُودِ الْمَيْتَةِ طُهُورُهاَ) صَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ.

(وكل ميتة نجسة).

الميتة: هي كل ما لم يذكى ذكاة شرعية.

فالميتة نجسة.

قال تعالى (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ).

وقال تعالى (إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ … ).

وقال تعالى (قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ … ).

وقد أجمع العلماء على تحريم الميتة في حال الاختيار.

(وكل أجزائها نجسة).

كاليد، والرجِل، والرأس ونحوها.

لعموم الآيات السابقة.

(إلا الآدمي).

أي: إلا ميتة الآدمي فإنها طاهرة.

لقوله تعالى (ولقد كرمنا بني آدم .. ) ومن جملة تكريمه جعله طاهراً حياً وميتاً.

ولقوله -صلى الله عليه وسلم- (إن المؤمن لا ينجس) متفق عليه.

وقال بعض العلماء: إن الكافر ينجس بالموت دون المسلم.

للحديث السابق (إن المؤمن لا ينجس) فمفهومه أن غير المسلم ينجس.

ولقوله تعالى (إنما المشركون نجس).

والصحيح أنه سواء كان مؤمناً أو كافراً لا ينجس بالموت.

وأما الآية فالمراد بالنجاسة فيها النجاسة المعنوية.

<<  <  ج: ص:  >  >>