فائدة ١: قوله -صلى الله عليه وسلم- (أفتان يا معاذ)
قال النووي: قَوْله -صلى الله عليه وسلم- (أَفَتَّان أَنْتَ يَا مُعَاذ) أَيْ مُنَفِّر عَنْ الدِّين وَصَادّ عَنْهُ. فَفِيهِ الْإِنْكَار عَلَى مَنْ اِرْتَكَبَ مَا يُنْهَى عَنْهُ وَإِنْ كَانَ مَكْرُوهًا غَيْر مُحَرَّم. (شرح مسلم).
وقال ابن رجب: قال الخطابي، والفتنة عَلَى وجوه، ومعناها هاهنا: صرف النَّاس عَن الدين، وحملهم عَلَى الضلال. قَالَ تعالى (مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ) أي: مضلين.
وتفسيره الفتنة - هاهنا - بالإضلال بعيد، والأظهر: أن المراد بالفتنة هاهنا: الشغل عَن الصلاة؛ فإن من طول عَلَى من شق عَلِيهِ التطويل فِي صلاته، فإنه يشغله عَن الخشوع فِي صلاته، ويلهيه عَنْهَا، كما أن النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم- لما نظر إلى أعلام الخميصة الَّتِيْ كَانَتْ عَلِيهِ فِي الصلاة نزعها، وَقَالَ (كادت تفتنني).
وأمر عَائِشَة أن تميط قرامها الَّذِي فِيهِ تصاوير، وَقَالَ (لا يزال تصاويره تعرض لِي فِي صلاتي).
ومنه: تخفيفه (الصلاة لما سَمِعَ بكاء الصبي مخافة أن تفتتن أمه).
ومنه: قَوْلِ أَبِي طلحة، لما نظر إلى الطائر فِي صلاته وَهُوَ يصلي فِي حائطه حَتَّى اشتغل بِهِ عَن صلاته: لَقَدْ أصابني فِي مالي هَذَا فتنة.
وقد سبق ذكر ذَلِكَ كله، سوى حَدِيْث بكاء الصبي؛ فإنه سيأتي قريباً - إن شاء الله تعالى.
وسبق حَدِيْث آخر فِي الصلاة عَلَى الخمرة فِي هَذَا المعنى.
والفتنة فِي هذه المواضع كلها، هُوَ: الاشتغال عَن الصلاة، والالتهاء عَنْهَا. (الفتح لابن رجب).
فائدة ٢: جواز التأخر عن صلاة الجماعة إذا علم من عادة الإمام التطويل الكثير، وجواز الغضب لما يُنكر من أمور الدين، والغضب في الموعظة، وأن المأموم إذا اشتكى إمامه لا يعتبر غيبة له فهي مستثناة.
(وتطويلُ الركعةِ الأولى أكثر من الثانية).
أي: ويسن للمصلي أن يطوّل الركعة الأولى أكثر من الثانية.
وقد تقدمت المسألة.