للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مباحث]

مبحث: ١

لابد أن يكون في الهدنة مصلحة للمسلمين.

قال ابن قدامة: وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ إلَّا لِلنَّظَرِ لِلْمُسْلِمِينَ؛ إمَّا أَنْ يَكُونَ بِهِمْ ضَعْفٌ عَنْ قِتَالِهِمْ، وَإِمَّا أَنْ يَطْمَعَ فِي إسْلَامِهِمْ بِهُدْنَتِهِمْ، أَوْ فِي أَدَائِهِمْ الْجِزْيَةَ، وَالْتِزَامِهِمْ أَحْكَامَ الْمِلَّةِ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْمَصَالِحِ.

وقال ابن حجر: قوله تعالى (وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا) جنحوا طلبوا السلم فاجنح لها، أي: أن هذه الآية دالة على مشروعية

المصالحة مع المشركين؛ وتفسير جنحوا بطلبوا هو للمصنف … ثم قال: ومعنى الشرط في الآية أن الأمر بالصلح مقيد بما إذا كان الأحظ للإسلام المصالحة، أما إذا كان الإسلام ظاهراً على الكفر ولم تظهر المصلحة في المصالحة فلا. (الفتح).

[مبحث: ٢]

الجمع بين قوله تعالى (وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا) وبين الآيات الداعية لقتال الكفار كقوله تعالى (قَاتِلُواْ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الآخِرِ)؟

لا تعارض بين الآيات، لأن الآيات الآمر بقتال الكفار، تحمل على أن بالمسلمين قوة ولا مصلحة في الصلح، والآيات التي فيها مصالحة تحمل على حال القلة والضعف والحاجة.

قال ابن كثير: (وَإِنْ جَنَحُوا) أي: مالوا (لِلسَّلْمِ) أي: المسالمة والمصالحة والمهادنة، (فَاجْنَحْ لَهَا) أي: فمل إليها، واقبل منهم ذلك؛ ولهذا لما طلب المشركون عام الحديبية الصلح ووضع الحرب بينهم وبين رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تسع سنين؛ أجابهم إلى ذلك مع ما اشترطوا من الشروط الأخر.

<<  <  ج: ص:  >  >>