وبعد تحرير هذا وقفت على كلام لابن خزيمة رحمه الله يؤيد ما ذهبت إليه، قال:
(وهذا الخبر رواه شعبة بن الحجاج عن بريد بن أبي مريم في قصة الدعاء، ولم يذكر القنوت ولا الوتر. قال: وشعبة أحفظ من عدد مثل يونس بن أبي إسحاق، وأبو إسحاق لا يعلم أسمع هذا الخبر من بريد أو دلسه عنه. اللهم إلاّ أن يكون كما يدعي بعض علمائنا أن كل ما رواه يونس عن من روى عنه أبوه أبو إسحاق هو مما سمعه يونس مع أبيه ممن روى عنه. ولو ثبت الخبر عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه أمر بالقنوت في الوتر أو قنت في الوتر لم يجز عندي مخالفة خبر النبي -صلى الله عليه وسلم- ولست أعلمه ثابتاً.
وقد تقدم قول الإمام أحمد (لا يصح فيه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- شيء).
ولكن ثبت القنوت عن الصحابة -رضي الله عنهم- على خلاف بينهم، هل يقنت في السنة كلها أم لا، والحق فيه أنه مستحب في بعض الأحيان، والأولى أن يكون الترك أكثر من الفعل، وما يفعله بعض الأئمة من المثابرة عليه فغلط مخالف للسنة. (قاله الشيخ العلوان)
• قوله (بعد الركوع) ويجوز قبل الركوع.
قال ابن تيمية: وَأَمَّا الْقُنُوتُ: فَالنَّاسُ فِيهِ طَرَفَانِ وَوَسَطٌ: مِنْهُمْ مَنْ لا يَرَى الْقُنُوتَ إلا قَبْلَ الرُّكُوعِ، وَمِنْهُمْ مَنْ لا يَرَاهُ إلا بَعْدَهُ. وَأَمَّا فُقَهَاءُ أَهْلِ الْحَدِيثِ كَأَحْمَدَ وَغَيْرِهِ فَيُجَوِّزُونَ كِلا الأَمْرَيْنِ لِمَجِيءِ السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ بِهِمَا. وَإِنْ اخْتَارُوا الْقُنُوتَ بَعْدَهُ; لأَنَّهُ أَكْثَرُ وَأَقْيَسُ اهـ.
• ويرفع يديه وقد صح عن عمر رضي الله عنه كما أخرجه البيهقي وصححه.
(ويقول ما ورد).
عَنْ اَلْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ -رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا-; قَالَ (عَلَّمَنِي رَسُولُ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- كَلِمَاتٍ أَقُولُهُنَّ فِي قُنُوتِ اَلْوِتْرِ: " اَللَّهُمَّ اِهْدِنِي فِيمَنْ هَدَيْتَ، وَعَافِنِي فِيمَنْ عَافَيْتَ، وَتَوَلَّنِي فِيمَنْ تَوَلَّيْتَ، وَبَارِكْ لِي فِيمَا أَعْطَيْتَ، وَقِنِي شَرَّ مَا قَضَيْتَ، فَإِنَّكَ تَقْضِي وَلَا يُقْضَى عَلَيْكَ، إِنَّهُ لَا يَزِلُّ مَنْ وَالَيْتَ، تَبَارَكْتَ رَبَّنَا وَتَعَالَيْتَ) رَوَاهُ اَلْخَمْسَةُ.
وَزَادَ اَلطَّبَرَانِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ: (وَلَا يَعِزُّ مَنْ عَادَيْتَ).
زَادَ النَّسَائِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ فِي آخِرِهِ: (وَصَلَّى اَللَّهُ عَلَى اَلنَّبِيِّ).
وهذا الحديث حديث صحيح، لكن لفظة (قُنُوتِ اَلْوِتْرِ) شاذة لا تصح.
(قنوت الوتر) أي: صلاة الوتر التي يصليها الإنسان لوحده.