(فَلَا تحصُلُ الطهَارَةُ بمائعٍ غيْرِهِ).
أي: فلا تحصل الطهارة من الأحداث والنجاسات إلا بالماء.
أما الحدث (سواء كان حدثاً أكبر أو أصغر) لا يرتفع إلا بالماء، وهذا قول جماهير العلماء.
أ- لقوله تعالى (فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ).
قال ابن قدامة: وهذا نص في الانتقال إلى التراب عند عدم الماء.
[ب- ولقوله -صلى الله عليه وسلم- (الصعيد الطيب وضوء المسلم وإن لم يجد الماء عشر سنين).]
وأما النجاسة: فقد اختلف العلماء، هل يشترط الماء لإزالة النجاسة أم لا على قولين (كأن يصيب ثوبه بول أو دم مسفوح هل يشترط الماء أم لا)؟
[القول الأول: أنه لابد من الماء.]
وهذا مذهب مالك، والشافعي، والحنابلة، واختاره ابن المنذر.
أ- لقوله تعالى (إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِّنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّن السَّمَاء مَاء لِّيُطَهِّرَكُم بِهِ).
وجه الدلالة: ذكره سبحانه امتناناً، فلو حصل بغيره لم يحصل الامتنان.
ب-لحديث أنس. قال (جَاءَ أَعْرَابِيٌّ فَبَالَ فِي طَائِفَةِ الْمَسْجِدِ، فَزَجَرَهُ النَّاسُ، فَنَهَاهُمُ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-، فَلَمَّا قَضَى بَوْلَهُ أَمَرَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- بِذَنُوبٍ مِنْ مَاءٍ، فَأُهْرِيقَ عَلَيْهِ) متفق عليه.
وجه الدلالة: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- حينما أراد التطهير من بول الأعرابي أمر بالماء، وهذا دال على الوجوب وعلى اختصاص الماء بالتطهير.
ج- ولحديث أَسْمَاء قَالَتْ (جَاءَتِ امْرَأَةٌ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَتْ أَرَأَيْتَ إِحْدَانَا تَحِيضُ فِي الثَّوْبِ كَيْفَ تَصْنَعُ قَالَ تَحُتُّهُ، ثُمَّ تَقْرُصُهُ بِالْمَاءِ، وَتَنْضَحُهُ وَتُصَلِّى فِيهِ) متفق عليه.
وجه الدلالة: أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أرشد في تطهير الثوب من دم الحيض بالماء، ولم يرشد إلى غيره، فتعين الماء في إزالة نجاسة الثوب من دم الحيض لكونه هو المنصوص عليه، وباقي النجاسات مقيسة عليه.
د- قالوا: إذا كانت طهارة الحدث لا تكون إلا بالماء مع وجوده، فكذلك إزالة النجاسة لا تكون إلا بالماء.