قال ابن قدامة: هذا قول أكثر أهل العلم من الفقهاء وغيرهم.
أ- عنَ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ فَاطِمَةَ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَتْ (أَفْطَرْنَا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ غَيْمٍ ثُمَّ طَلَعَتِ الشَّمْسُ (قِيلَ لِهِشَامٍ فَأُمِرُوا بِالْقَضَاءِ قَالَ بُدٌّ مِنْ قَضَاء. رواه البخاري.
ب- ولقوله تعالى (ثم أتموا الصيام إلى الليل).
وجه الدلالة: أن هذا لم يتمه.
[القول الثاني: أنه لا يجب القضاء.]
وهو مروي عن مجاهد والحسن، وقال به إسحاق وأحمد في رواية، والمزني، وابن خزيمة.
واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية، ورجحه الشيخ ابن عثيمين رحمهم الله جميعاً.
قال ابن تيمية: وَإِنْ شَكَّ: هَلْ طَلَعَ الْفَجْرُ؟ أَوْ لَمْ يَطْلُعْ؟ فَلَهُ أَنْ يَأْكُلَ وَيَشْرَبَ حَتَّى يَتَبَيَّنَ الطُّلُوعَ وَلَوْ عَلِمَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ أَكَلَ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ فَفِي وُجُوبِ الْقَضَاءِ نِزَاعٌ. وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ وَهُوَ الثَّابِتُ عَنْ عُمَرَ وَقَالَ بِهِ طَائِفَةٌ
واستدلوا:
أ- بحديث أَسْمَاء السابق قَالَتْ (أَفْطَرْنَا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- يَوْمَ غَيْمٍ ثُمَّ طَلَعَتْ الشَّمْسُ).
وجه الدلالة: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يأمرهم بالقضاء، ولو أمرهم بالقضاء لشاع ذلك كما نقل فطرهم، فلما لم ينقل دل أنه لم يأمرهم به.
ب- أنه لم يقصد الأكل في الصوم، فلم يلزمه القضاء كالناسي.
قالوا: وقول هشام: لا بد من القضاء. قاله من عنده تفقهاً، ولم يقل: إن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمرهم بالقضاء.
ولهذا قال الحافظ: وَأَمَّا حَدِيث أَسْمَاء فَلا يُحْفَظُ فِيهِ إِثْبَات الْقِضَاء وَلا نَفْيُهُ " انتهى.