أي: فإن عدمت النية يرجع إلى سبب اليمين وما هيّجها، فتحمل اليمين عليه.
مثال: قيل لرجل: إن ابنك يصاحب الأشرار، فقال: والله لا أكلمه ما حييت، فجاءه شخص وقال: إن ابنك يصاحب الأخيار وليس الأشرار، فكلمه أبوه، فليس على الوالد كفارة، لأنه عندما حلف، كان سبب اليمين، من أجل أن ابنه يصاحب الأشرار، فلما ظهر أنه يصاحب الأخيار علم أنه لم يكن قصده الحلف المطلق، وإنما الحلف المقيد ولم يتحقق هذا الشرط، فكأنه قال: إن كان ابني مصاحباً للأشرار فلا أكلمه، وهو وإن لم يقل هذا الشرط بلفظه فهو مضمر له في نفسه.
مثال آخر: قال والله لا أكلم زيداً لشربه الخمر، فكلمه وقد تركه، لم يحنث، لدلالة الحال على أن المراد ما دام على ذلك، وقد انقطع ذلك.
(ثم إلى التعيين).
أي إذا عدم السبب فإننا نرجع إلى التعيين، فإذا قصد عين الشيء المحلوف عليه [قصد ذاته] فإننا نرجع إلى ذلك.
فإذا حلف ألا يأكل من لحم هذه السخلة ثم إن السخلة أصبحت شاة فلا يأكل من لحمها، لأنها نفس العين التي حلف عليها
وكذلك لو قال: والله لا ألبس هذا الثوب، ثم إن هذا الثوب شقق وأصبح سراويل، فإنه لا يلبسه، لأنه عيّن الثوب.
إلا إذا نوى أنه ما دام على تلك الصفة فهو نيته كما سبق: أن النية هي المرجع الأول، فلو قال، أنا قلت: والله لا ألبس هذا القميص،
ولم أقصد عين القميص لكن قصدي صفته، أي: لا ألبسه ما دام قميصاً، فشققه وجعله سراويل، فلا يحنث.
(ومن تأوَّلَ في يمينهِ فله تأويلُه إلا يكونَ ظالماً فلا ينفعُهُ تأويلُه).
التأويل في اليمين: أن يقصد بكلامه شيئاً محتملاً يخالف ظاهر اللفظ.
كأن يقول: والله إنه أخي، ويريد أخوة الإسلام، أو يقول، والله فلان ما هو بموجود، يريد محلاً معيناً.
وحكم هذا التأويل: لا بأس به في اليمين إلا يكون ظالماً فلا ينفعه.