لحديث ابن عمر (أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رمل من الحَجَر إلى الحجر).
وهذا يقدم على حديث ابن عباس:
لأن حديث ابن عباس السابق كان في عمرة القضاء في ذي القعدة عام سبع، وأما حديث ابن عمر:(أن النبي -صلى الله عليه وسلم- رمل من الحجر إلى الحجر) كان في حجة الوداع، فيكون هذا ناسخاً للمشي بين الركنين الثابت في حديث ابن عباس، لأنه متأخر عنه.
قال النووي في شرح حديث ابن عمر (رمل من الحجَر إلى الحجر) فِيهِ: بَيَان أَنَّ الرَّمَل يُشْرَع فِي جَمِيع الْمَطَاف مِنْ الْحَجَر إِلَى الْحَجَر، وَأَمَّا حَدِيث اِبْن عَبَّاس الْمَذْكُور بَعْد هَذَا بِقَلِيلٍ (قَالَ: وَأَمَرَهُمْ النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم- أَنْ يَرْمُلُوا ثَلَاثَة أَشْوَاط وَيَمْشُوا مَا بَيْن الرُّكْنَيْنِ) فَمَنْسُوخ بِالْحَدِيثِ الْأَوَّل؛ لِأَنَّ حَدِيث اِبْن عَبَّاس كَانَ فِي عُمْرَة الْقَضَاء سَنَة سَبْع قَبْل فَتْح مَكَّة، وَكَانَ فِي الْمُسْلِمِينَ ضَعْف فِي أَبْدَانهمْ، وَإِنَّمَا رَمَلُوا إِظْهَارًا لِلْقُوَّةِ وَاحْتَاجُوا إِلَى ذَلِكَ فِي غَيْر مَا بَيْن الرُّكْنَيْنِ الْيَمَانِيَيْنِ؛ لِأَنَّ الْمُشْرِكِينَ كَانُوا جُلُوسًا فِي الْحِجْر، وَكَانُوا لَا يَرَوْنَهُمْ بَيْن هَذَيْنِ الرُّكْنَيْنِ، وَيَرَوْنَهُمْ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ؛ فَلَمَّا حَجَّ النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم- حَجَّة الْوَدَاع سَنَة عَشْر رَمَلَ مِنْ الْحَجَر إِلَى الْحَجَر، فَوَجَبَ الْأَخْذ بِهَذَا الْمُتَأَخِّر.
وقال ابن تيمية بعد ذكر حديث ابن عباس: وكان هذا في عمرة القضية، ثم اعتمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعد ذلك عمرة الجعرانة ومكة دار إسلام، ثم حج حجة الوداع وقد نفى الله الشرك وأهله ورمل من الحَجَر إلى الحجر.